وممن رد هذا الحديث ابن معين كما في "تاريخ بغداد" (١٣/ ٤٠)، وأحمد في: "العلل ومعرفة الرجال" - رواية المَرُّوْذِي - (ص ١٧٢ - ١٧٣)، وأبو زرعة الرازي في "أجوبة أبي زرعة الرازي على أسئلة البَرْذَعِي" (٢/ ٧٥٣ - ٧٥٧)، والعقيلي في "الضعفاء" (٤/ ١٢٤ - ١٢٥)، وابن حبان في "كتاب المجروحين" لابن حبان (٢/ ١٣٥ - ١٣٦)، وغيرهم. وبعض أهل العلم قد تكلم في هذا الحديث بغير ما سبق، فمنهم ابن معين، والحاكم، وابن حجر. فأما ابن معين فجاء عنه أنه قال فيه: "صحيح"، ولكن وجّه ذلك الخطيب بأن مراده "صحيح إلى أبي معاوية"، لأنه قد حدّث عنه غير عبد السلام، ويضاف إلى ذلك أن تصحيح ابن معين لعله كان في بداية الأمر لأنه ثبت عنه رد هذا الحديث حتى قال فيه: "كذب لا أصل له"، وأما كونه حدّث عنه غير عبد السلام فقد تقدم كلام أهل العلم أن الحديث سرقه منه الضعفاء. يراجع له "السلسلة الضعيفة" (٦/ ٥١٨). وأما الحاكم فقد قال في "المستدرك" (٣/ ١٢٦): هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه. ولم يوافقه الذهبي على ذلك في "تلخيصه"، وتكلم على أبي الصَّلْت، وعلى حديث ذكره الحاكم بأنه يشهد لهذا الحديث، فقال: والعجب من الحاكم، وجرأته في تصحيحه هذا، وأمثاله من البواطيل. وأما ابن حجر فقد قال في "لسان الميزان" (٢/ ١٢٣): هذا الحديث له طرق كثيرة في "مستدرك الحاكم" أقلُّ أحوالها أن يكون للحديث أصلٌ، فلا ينبغي أن يطلق عليه القول بالوضع. ولعله استند لذلك بقول ابن نمير أن أبا معاوية حدّث عنه قديمًا ثم كفّ عنه، ولعله كفّ عنه لما علم من تدليس الأعمش، وتبين له أن الأعمش دلس فيه حيث لم يذكر سماعه في طريق واحد، وهذا إن ثبت أن الأعمش حدّث به، والأقرب أن الأعمش لم يحدث بذلك قط، وإنما ابتكره أبو الصَّلْت كما قال ابن طاهر. ثم إن ابن حجر قال بأن هذا الحديث له طرق كثيرة في "المستدرك"، والأمر ليس كذلك، وإنما فيه طريق آخر من حديث جابر، في سنده أحمد الجرّاني قد وصفه الذهبي بأنه دجال كذاب، والله أعلم. =