وقال في ترجمة عبد الرحمن بن فَرُّوخ العَدَويُّ (١): (وزعم الحاكم أن البخاريَّ ومسلمًا إنما تركا إخراج حديث عبد الرحمن بن فَرُّوخ هذا؛ لأنَّه لم يَرو عنه غير عَمرو بن دينار، يعني تركا أحاديثه الموصولةَ، وهو على قاعدته في أنَّ شرط مَن يُخرَّج له في "الصحيح" أن يكون له راويان، وقد تناقَض هو فادَّعى أَنّ هذا شرطهما، ثم استدرك عليهما أشياء مما يُخالِف ذلك، ولا يرد منها شيءٌ؛ لأنَّهما لم يُصرِّحا باشتراط ذلك، بل يقوم مقام الراوي الثاني: الشهرةُ مثلًا.
وقد بَدا لي فاستدركتُ كُلّما اطّلعتُ عليه مما هذا سبيله، فإن كان الاسم مُترجَمًا له بغير رقم نَبَّهتُ على أنَّه فاته الرقم؛ وإلا فالترجمة كاملة، وأُعَيِّن الباب الذي وَقَع ذِكْره فيه، والسند كذلك، مع ما أَطّلِع عليه من حال الراوي المذكور إن شاء الله تعالى وكان تَتبُّعي لذلك بعد تَبييض النسخة مِن هذا المختصر بأربعين سنة).
رابعًا: إفادة الحافظُ في كتابه هذا من سعة الاطلاع التي حباه الله تعالى إيَّاها؛ ومن مظاهر ذلك:
١ - نقله من مصادر لم يُعثَر عليها حتى الآن؛ ومن ذلك: كتاب "زهْرَة المتعلِّمين" لأحد علماء المغرب، وكتاب "تاريخ مصر" لابن يونس، وكتاب "الألقاب" للشيرازي، و"ذيل الاستيعاب" لابن فتحون، و "التاريخ" لمطيِّن، و "علل حديث الزهري" للذهلي، وغير ذلك ممّا سيأتي عند الكلام عليه من موارد الحافظ.
٢ - ذكره لنقول - تفيد في بيان حال الراوي - من كُتُبٍ لم تشتهر بذكر الرواة وبيان حالهم من حيث الجرح والتعديل؛ ومن أمثلة ذلك: