للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ثم إنَّه ما المانع أن يكون ابنُ جريج سمع هذين الحديثين من عطاء بن أبي رباح خاصةً في موضع آخر غير التفسير، دون ما عداهما مِن التفسير؟! فإنَّ ثبوتَهما في تفسير عطاء الخراسانيّ لا يمنعُ أن يكونا عند عطاء بن أبي رباح أيضًا هذا أمرٌ واضح (١)، بل هو المتعيِّن، ولا ينبغي الحكمُ على البخاريِّ بالوهم بمجرَّدِ هذا الاحتمال، لا سيَّما والعِلَّة في هذا محكيَّةٌ عن شيخه علي بن المديني، فالأظهر بل المتحَقِّق أنَّه كان مُطَلعًا على هذه العلَّة، ولولا ذلك لأخرج في التفسير جملةً من هذه النُّسخة، ولم يقتصرْ على هذَيْن الحديثين خاصَّة، والله أعلم، ولا سيَّما أنَّ البخاريَّ قد ذكر عطاءً الخراسانيَّ في "الضعفاء"، وذكر حديثه عن سعيد بن المسَيِّب، عن أبي هريرة: "أنَّ النبي أمرَ الذي واقع في شهر رمضان بكفارة الظِّهَار" وقال: لا يُتابع عليه، ثم ساق بإسنادٍ له عن سعيد بن المسَيِّب أنَّه قال: كَذَب عَلَيَّ عطاء، ما حدَّثْتُه هكذا (٢).

وممَّا يُؤيد أنَّ البخاريَّ لم يخرجْ له شيئًا أنَّ الدارقطنيَّ، والحَبَّال (٣)،


(١) وقال الحافظ في "هدى الساري" (ص ٣٧٦) - بعد أن ذكر نحو هذا الكلام -: "وهذا عندي من المواضع العقيمة عن الجواب السَّديد، ولا بُدَّ للجواد مِن كَبْوَة، والله المستعان! ".
(٢) "الضعفاء الصغير" (ص ٩٣ - ٩٤)، و "التاريخ الكبير" (٦/ ٤٧٤ - ٤٧٥)، وقوله: "لا يُتابع عليه" لم يذكرها في "الضعفاء". وأمَّا قول الحافظ: "وقال: لا يُتابع عليه، ثم ساق بإسنادٍ له .. " فالذي في مطبوع "التاريخ" ذَكَر أولًا تكذيب ابن المسيّب له، ثم ذكر أنَّه لا يُتابع عليه.
(٣) هو: الحافظ أبو إسحاق إبراهيم بن سعيد بن عبد الله الحبال المصري، قال ابن ماكولا: "وكان مكثرًا، ثقةً، ثبتًا، ورعًا، خيِّرًا"، توفي سنة (٤٨٢)، وله (٩١) سنة، له كتاب "أسماء رجال الشيخين" ينقل منه العلَّامة مُغلطاي في "إكمال تهذيب الكمال". انظر: "الإكمال" لابن ماكولا (٢/ ٣٧٩)، و "السير" للذهبي (١٨/ ٤٩٥) وما بعدها)، و "إكمال تهذيب الكمال" (٤/ ٦٨)، و (٥/ ١١٨)، و (٦/ ٧٨).