للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الخلافة عاضده عمرو هذا، وكان محبوبًا إلى أهل الشام، فشرط له مروان أن يوليه الخلافة بعده، فلما استقرت قَدَمُ مروان في الملك دعا عمرو بن سعيد إلى أن يبايع لعبد الملك بن مروان، ثم لعمرو بعده، فأجاب عمرو على كره، ثم مات مروان، وولي عبد الملك، فبايعه عمرو على أنه الخليفة بعده، فلما أراد عبد الملك خلعه، وأن يبايع لأولاده نفر عمرو من ذلك، واتفق خروج عبد الملك إلى قتال ابن الزبير، فخالفه عمرو إلى دمشق، فغلب عليها، وبايعه أهلها بالخلافة.

فذكر الطبري أنه لما صعد المنبر (١) خطب الناس، فقال: "إنه لم يقم أحد من قريش قبلي على هذا المنبر إلا زعم أن له جنة ونارًا، يدخل الجنة من أطاعه، والنار من عصاه، وإني أخبركم أن الجنة والنار بيد الله، وأنه ليس إليَّ من ذلك شيء، وإن لكم عَلَيَّ حُسْن المُواساة". قال: فرجع عبد الملك، وحاصره، ثم خدعه، وأَمَّنَه، ثم غدر به، فقتله. فيقال: إنه ذبحه بيده (٢).

وكان عمرو بن سعيد واليًا قبل ذلك على المدينة زمن يزيد بن معاوية (٣)، وهو الذي كان يجهز الجيوش إلى قتال ابن الزبير، فقام إليه أبو شُرَيْح الخُزاعي (٤)، فحدثه بأن مكة حرام، فأجابه عمرو: بأن الحرم لا يُعِيذ عاصِيًا الحديث في "الصحيحين" (٥)، وكان عمرو أول من أسَرَّ البسملة في الصلاة


(١) قوله (المنبر) لا يوجد في (ت).
(٢) ينظر: "تاريخ الأمم والملوك" (٦/ ١٤١ - ١٤٣).
(٣) ينظر: "الاستيعاب" (٣/ ١٣٨٨)، برقم (٢٣٧٠).
(٤) هو: أبو شريح الخزاعي الكعبي، اسمه خويلد بن عمرو، أو عكسه، وقيل: عبد الرحمن بن عمرو، وقيل: هانئ، وقيل: كعب، صحابي نزل المدينة، مات سنة ثمان وستين على الصحيح. "التقريب" (٨٢١٩).
(٥) "صحيح البخاري" (٣/ ١٤)، برقم (١٨٣٢)، و"صحيح مسلم" (٢/ ٩٨٧)، برقم (١٣٥٤).