للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

لكان عُمْرُ أبي سعيد أكثر من مائة وعشر سنين، وهذا لم يقلهُ أحدٌ، وقد صرَّح أبو داود في روايته لحديث أبي سعيد، عن أبي رافع، بالسَّماع (١).


(١) "شرح مشكل الآثار" للطحاوي (١٢/ ٣٩٢)، و "التاريخ الكبير" للبخاري (٧/ ٢٣٤)، و "سنن أبي داود" (١/ ١٧٤: ٦٤٦).
وبيان هذا الوهم: أنَّ الطَّحاوي قال في "شرح المشكل": حدثنا إسماعيل بن يحيى المُزَنيّ قال: حدثنا الشَّافعي قال: وأخبرنا عبد المجيد بن عبد العزيز يعني ابن أبي رَوَّاد قال: حدثنا ابن جُرَيج قال أخبرني عمران بن موسى قال: حدثني سعيد بن أبي سعيد المَقْبُري أنَّه رأى أبا رافع مولى النَّبي مرَّ بحسن بن علي يُصَلِّي، قد غَرَزَ ضَفْرَهُ في قَفَاه، فَحَلَّها أبو رافع، فالتفت إليه حسن مُغْضَبًا، فقال أبو رافع: أَقْبِل على صلاتك، ولا تغضب فإني سمعت رسول الله ، يقول: "ذلك كَفَلُ الشَّيطان" يقول: "مقعد الشَّيطان، يعني: مَغْرِزَ ضَفْرَتِهِ" اهـ.
هكذا ذكر الطَّحاوي الحديث نقلًا من كتاب "السُّنن المأثورة" للشَّافعي جَمْع المُزَنيّ (ص ١١٥)، وفيه سقْطٌ بين سعيد بن أبي سعيد المَقْبُري وأبي رافع، ذلك أنَّ الحديث أخرجه أبو داود في "سننه" (١/ ١٧٤: ٦٤٦)، والترمذي في "الجامع" (١/ ٤٠٨: ٣٨٤)، وغيرهم من طرق عن سعيد بن أبي سعيد المقبري، يُحَدِّث عن أبيه، أنَّه رأى أبا رافع، فحكم الطَّحاوي بناءً على ظاهر السَّند الأول بعدم سماع سعيد المَقْبُري من أبي رافع وهو حقٌّ، ولم يتنبَّه إلى السَّقط الحاصل، حيث قال: "ثم تأملنا ما ذُكر في هذا الحديث عن سعيد المَقْبُري من رؤيته أبا رافع فَعَلَ بحسن بن علي ما ذُكر في هذا الحديث أنَّه فعله به، فوجدناه بعيدًا جدًّا؛ لأن أبا رافع قديم الموت كان موته في زمن علي ، وكان عليٌّ وصيه في ماله، وعلى ولده .. فوقفنا بذلك على أنَّ المَقْبُري لا يحتمل أن يكون رأى من أبي رافع ما حكى في هذا الحديث أنَّه رأى منه، ولأن المَقْبُرِي إِنَّما كانت وفاته فيما ذَكَرَ محمد بن سعد صاحب الواقدي، عن الواقدي في كتاب "الطبقات" في أول خلافة هشام في سنة خمس وعشرين ومائة، وبين ذلك وبين وفاة علي بن أبي طالب خمس وثمانون سنة، وموت أبي رافع كان قبل ذلك بما شاء الله أن يكون" اهـ، فأنكر عليه الحافظ ابن حجر كلامه هذا بناءً على رواية أبي داود ظنًّا منه أن الطَّحاوي عندما ذكر سنة الوفاة قصد بذلك وفاة أبي سعيد، ولم يتنبَّه هو كذلك إلى السَّقط الحاصل؛ والله أعلم.