للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وخرج عليه ابن الأشعث (١)، ومعه أكثر الفقهاء والقرّاء من أهل البصرة وغيرها، فحاربه حتى قتله (٢)، وتتبع من كان معه فعرضهم على السيف، فمن أقر له أنه كفر بخروجه عليه أطلقه، ومن امتنع قتله صبرًا.


= جاروا وظلموا ما لم يظهروا الكفر البواح، قال الطحاوي في "عقيدته" (ص ٤٧): (ولا نرى الخروج على أئمتنا وولاة أمورنا وإن جاروا، ولا ندعوا عليهم ولا ننزع يدا من طاعتهم، ونرى طاعتهم من طاعة الله ﷿ فريضة، ما لم يأمروا بمعصية).
(١) هو عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث بن قيس الكندي أمير سجستان، أورد الصفدي ترجمته في الوافي بالوفيات (١٨/ ١٣٤) وذكر فيها ما جرى بينه وبين الحجاج من حروب، ثم ختمها بقوله: وهذا عبد الرحمن المذكور أعرق الناس في الغدر، لأن عبد الرحمن غدر بالحجاج، وغدر والده محمد بن الأشعث بأهل طبرستان. . وغدر الأشعث بن قيس ببني الحارث بن كعب .. وغدر معدي كرب ببني مهرة) اهـ ملخصًا.
(٢) قال الحافظ ابن حجر في ترجمة الحسن بن صالح بن حي من "تهذيب التهذيب": وقولهم: (كان يرى السيف) يعني: كان يرى الخروج بالسيف على أئمة الجور، وهذا مذهبٌ للسلف قديم، لكن استقر الأمر على ترك ذلك لمَّا رأوه قد أفضى إلى أشد منه، ففي وقعة الحرة ووقعة ابن الأشعث وغيرهما عظةٌ لمن تدبر، وسيأتي الكلام عليه في ترجمة الحسن بن صالح برقم (١٣٢٠).
وقد ذكر ابن كثير في البداية والنهاية (١٢/ ٣٠٥ - ٣٤٤) تفاصيل فتنة ابن الأشعث ومدى تسببها في الدمار وقتل الأنفس المعصومة ما يدل على فساد هذه الطريقة: طريقة الخروج على الحكام الظالمين، ومما ذكره ابن كثير في ذلك ما كتبه المهلب إلى ابن الأشعث ينصحه لما بلغه خبر خروجه أن قال له: إنك يا ابن الأشعث قد وضعت رجلك في ركاب طويل، أبق على أمة محمد ، الله الله، انظر لنفسك فلا تهلكها، ودماء المسلمين فلا تسفكها، والجماعة فلا تفرقها، والبيعة فلا تنكثها، فإن قلت: أخاف الناس على نفسي، فالله أحق أن تخافه من الناس، فلا تعرضها الله في سفك الدماء، أو استحلال محرم، والسلام عليك.
ومما يدل على أن بعض من بقي من أصحاب ابن الأشعث قد تراجع عن فعله وتاب ما أورده ابن كثير في "البداية والنهاية" (١٢/ ٣٤١) من خبر الشعبي ما قال: وكان الشعبي من جملة من صار إلى قتيبة بن مسلم، فذكره يوما الحجاج، فقيل له: إنه سار =