للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الأبيات.

وأقبل الحسين بكتاب مسلم بن عقيل إليه حتى إذا كان بينه وبين القادسية (١) ثلاثة أميال لقيه الحر بن يزيد التميمي فقال له: أين تريد؟ فقال: أريد هذا المصر.

قال له: ارجع فإني لم أدع لك خلفي خيرًا أرجوه.

فهمَّ أن يرجع، وكان معه أخوة مسلم بن عقيل فقالوا: لا والله لا نرجع حتى نصيب بثأرنا أو نقتل.

قال: لا خير في الحياة بعدكم.

فسار فلقيته أول خيل عبيد الله، فلما رأى ذلك عدل إلى كربلاء، وأسند ظهره إلى قصباء حتى لا يقاتل إلا من وجه واحد، فنزل وضرب أبنيته وكان أصحابه خمسة وأربعين فارسًا ونحوًا من مائة راجل.

وكان عمر بن سعد، بن أبي وقاص قد ولاه عبيد الله بن زياد الرَّي وعهد إليه، فدعاه فقال له: اكفني هذا الرجل، فقال: اعفني، فأبى أن يعفيه. قال: فأنظرني الليلة، فأخره فنظر في أمره، فلما أصبح غدًا إليه راضيًا بما أمره به، فتوجه عمر بن سعد إلى الحسين بن علي، فلما أتاه قال له الحسين: اختر واحدة من ثلاث: إما أن تدعوني فألحق بالثغور، وإما أن تدَعوني فأذهب إلى يزيد، وإما أن تدَعوني فأذهب من حيث جئت.

فقبل ذلك عمر بن سعد، وكتب بذلك إلى عبيد الله، فكتب إليه عبيد الله: لا، ولا كرامة حتى يضع يده في يدي.

فقال الحسين: لا والله لا يكون ذلك أبدا.


(١) تقع القادسية بين النجف والحيرة إلى الشمال الغربي من الكوفة، وإلى الجنوب من كربلاء. انظر: "معجم الْمَعَالِمِ الْجُغْرَافِيَّةِ فِي السِّيرَةِ النَّبَوِيَّةِ" لعاتق الحربي (ص ٢٤٨).