للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فأمّا حديثُ أنسٍ: فعَلَّقَه البخاريُّ في "الصحيح" (١) لإبراهيم، ووَصَلَه أبو عوانة في "صحيحه" (٢).


(١) (كتاب الأشربة، باب شرب اللَّبَن، الحديث رقم ٥٦١٠).
(٢) أخرجه أبو عَوانة في "مستخرجه" (٥/ ١٣٨: الحديث رقم ٨١٣٤) - وعنه: الطبرانيُّ في "معجمه الصغير" (٢/ ٢٦٤: الحديث رقم ١١٣٩) -، والحاكمُ في "مستدركه" (١/ ١٥٤: الحديث رقم ٢٧٢)؛ من طريق حفص بن عبد الله السُّلميّ، عن إبراهيم بن طهمان، عن شعبة، عن قتادة، عن أنس بن مالك مرفوعًا: "رُفعت لي السِّدرة، فإذا أربعة أنهار، نهرانِ ظاهرانِ، ونهرانِ باطنانِ، فأمّا الظَّاهرانِ: فالنِّيلُ والفُراتُ، وأمّا الباطنانِ فنهرانِ في الجنّة، وأُتِيتُ بثلاثةِ أقداحٍ: قدح لبن، وقدح فيه عسلٌ، وقدح فيه خمرٌ، فأَخذتُ الذي فيه اللَّبَن، فشربتُ منه، فقِيلَ لي: أَصَبْتَ الفطرةَ أنتَ وأُمَّتُك".
قال الإمامُ البخاريُّ بعد أن علّقه في "صحيحه" (رقم ٥٦١٠) عن إبراهيم بن طهمان: (قال هشامٌ وسعيدٌ وهمّامٌ: عن قتادة، عن أنس بن مالك، عن مالك بن صعصعة، عن النّبيِّ ؛ في الأنهارِ نحوَه، ولم يذكروا ثلاثةَ أقداحٍ).
ولعلّ من أنكر هذا الحديث على ابن طهمان أنكره عليه من جهتينِ - أشار إليهما البخاريُّ -:
الأُولى: في سياق إسنادِه؛ فإنّه لم يذكر مالك بنَ صعصعة.
ولكن قال الدّارقطنيُّ - كما في "عِلَله" (٦/ ٢٣٤) -: (ويُشبه أن تكونَ الأقاويلُ كلُّها صِحاحًا؛ لأنّ رواتَها أثباتٌ).
الثانية: في ذِكْره ثلاثةَ أقداحٍ.
إلا أنّه لم ينفرد بروايتها، وانظر في تفصيل ذلك: "فتح الباري" (١٠/ ٧٣) للحافظ ابن حجر.
ثمّ إنّ الحاكم قال في "مستدركه" (١/ ١٥٤): (وَلْيَعْلَم طالبُ هذا العلمِ أنّ حديثَ المعراجِ قد سَمِعَ أنسٌ بعضَه من النّبيّ ، وبعضَه من أبي ذرٍّ الغِفاريّ، وبعضَه من مالك بنِ صعصعة، وبعضَه من أبي هريرة).
فيَحتملُ أن يكون أنسٌ قد حدّث بحديث المعراج على أوجهٍ، فمَرّةً يرويه عن النبيّ مباشرة، ومَرّةً يُبيِّن الواسطةَ، وتارةً يذكر الأقداح، وأخرى لا يذكرها، وعنه في كُلٍّ تلقته الرواةُ، وحدّثوا به، والله تعالى أعلم.