يوم وهو خمسمائة عام ففرح رسول الله - صلّى الله عليه وسلم - فقال أفيكم من ينشدنا فقال بدوي نعم يا رسول الله فأنشده.
لقد لسعت حية الهوى كبدي ... فلا طبيب لها ولا راقي
إلا الحبيب الذي شغفت به ... فعنده علتي وترياقي
فتواجد رسول الله - صلّى الله عليه وسلم - وتواجد أصحابه حتى سقط رداؤه عن منكبيه فلما فرغوا أوى كل واحد إلى مكانه فقال معاوية بن أبي سفيان ما أحسن لعبكم يا رسول الله فقال مه يا معاوية ليس بكريم من لم يهتز عند السماع للحبيب ثم قسم رداء رسول الله - صلّى الله عليه وسلم - على من حضر بأربعمائة قطعة ثم قال وهذا الحديث نص على أن مذهب الصوفية كان معلوماً عندهم معمولاً به بينهم فإنكاره جهل بالمنقول والتمادي على إنكاره بعد هذا ليس له محصول وأورده صاحب المعارف هكذا سماعاً من شيخه أبي زرعة طاهر بن أبي الفضل محمد بن طاهر المقدسي عن والده المذكور ثم قال فهذا الحديث أوردناه مسنداً كما سمعناه ووجدناه وقد تكلم في صحته أصحاب الحديث وما وجدنا شيئاً نقل عن رسول الله - صلّى الله عليه وسلم - يشاكل وجد أهل هذا الزمان وسماعهم واجتماعهم وهيئتهم إلا هذا وما أحسنه من حجة للصوفية وأهل الزمان في سماعهم وتمزيقهم الخرق وقسمتهم لو صح والله أعلم ويخالج سري أنه غير صحيح ولم أجد فيه ذوق اجتماع النبي - صلّى الله عليه وسلم - مع أصحابه وما كانوا يعتمدونه على ما بلغنا في هذا الحديث ويأبى القلب قبوله والله أعلم اهـ.
قلت: وهو حديث باطل لا يحتج به ولا يذكر إلا ليعلم أنه موضوع ويعتبر به وقد سئل عنه القرطبي فأجاب في رسالة له في السماع عنه بثلاثة أوجه أحدها أن هذا الحديث لا يصح لأن محمد بن طاهر وإن كان حافظاً فلا يحتج بحديثه لما ذكره السمعاني عن جماعة من شيوخه أنهم تكلموا فيه ونسبوه إلى مذهب الإباحية وعنده مناكير في هذا الكتاب المسمى بصفة أهل التصوّف وهذا الحديث عنه وله فيه مناكير فإنه روى عن مالك وغيره من أئمة الهدى المتقدمين حكايات عنهم منكرة باطلة قطعاً وقال محمد بن ناصر محمد بن طاهر ليس بثقة ولأن في سند الحديث عمار بن إسحاق ولا يحتج به يرويه عن سعيد