وإغضاء فيعيش في ظله مع سلامة الدين والعرض ولا يسترقه (تنبيه) قال شيخ الإسلام ابن تيمية المراد بالقاسية قلوبهم في الأخبار السابقة طائفة اليهود بقرينة تصريحهم بأن المراد هم في آية ولا تكونوا كالذين أوتوا الكتاب من قبل فطال عليهم الأمد فقست قلوبهم وقسوة القلوب من ثمرات المعاصي وقد وصف الله اليهود بها في غير موضع منها ثم قست قلوبكم من بعد ذلك فهي كالحجارة فبما نقضهم ميثاقهم لعناهم وجعلنا قلوبهم قاسية ثم قال وإن قوماً ممن قد ينسب إلى علم ودين قد أخذوا من هذه الصفات بنصيب نعوذ بالله مما يكرهه الله ورسوله.
٣٠٣٤ - (وعن ابن عباس) رضي الله عنه (قال قال رسول الله - صلّى الله عليه وسلم - تجافوا) وفي رواية تجاوزوا (عن ذنب السخي) أي الكريم وفي رواية تجاوزوا للسخي عن ذنبه (فإن الله آخذ بيده) أي معين له ومخلص له (كلما عثر) أي سقط في مهلكة والمعاثر هي المهالك التي يعثر فيها وذلك لأنه لما سخى بالأشياء اعتماداً على ربه وتوكلاً عليه شمله بعين عنايته فكلما عثر في مهلكة أنقذه منها.
قال العراقي: رواه الطبراني في الأوسط والخرائطي في مكارم الأخلاق وقال الخرائطي أقيلوا السخي زلته وفيه ليث بن أبي سليم مختلف فيه وزاد الطبراني فيه وأبو نعيم من حديث ابن مسعود نحوه بإسناد ضعيف ورواه ابن الجوزي في الموضوعات من طريق الدارقطني اهـ.
قلت: أما حديث ابن عباس فأخرجه أبو نعيم في الحلية والبيهقي في الشعب والخطيب في التاريخ بلفظ المصنف وهو عند الخرائطي بلفظ أقيلوا السخي زلته فإن الله آخذ بيده كلما عثر وروى الخطيب أيضاً من حديثه بلفظ تجاوزوا عن ذنب السخي وزلة العالم وسطوة السلطان العادل فإن الله آخذ بيدهم كلما عثر عاثر منهم وقد روى نحوه من حديث أبي هريرة ولفظه تجافوا عن زلة السخي فإنه إذا عثر أخذ الرحمن بيده رواه ابن عساكر وأما حديث ابن مسعود فلفظه تجاوزوا عن ذنب السخي فإن الله آخذ بيده كلما عثر وهكذا رواه الدارقطني في الأفراد والطبراني في الكبير وأبو نعيم في الحلية