بوادي القيامة وهي عشية يوم الجمعة عند العصر فإذا هو بجمجمة بيضاء نخرة قد مات صاحبها منذ أربعة وتسعين سنة فوقف عليها متعجباً منها وقال يا رب إئذن لهذه الجمجمة أن تكلمني بلسان حي تخبرني ماذا لقيت من العذاب وكم أتى عليها منذ ماتت وماذا عاينت وبأي هيئة ماتت وماذا كانت تعبد قال فأتاه نداء من السماء فقال يا روح الله وكلمته سلها فإنها ستخبرك فصلى عيسى ركعتين ثم دنا منها فوضع يده عليها فقال عيسى بسم الله وبالله فقالت الجمجمة خير الأسماء دعوت وبالذكر استعنت فقال عيسى أيتها الجمجمة النخرة قالت لبيك وسعديك سلني عما بدا لك قال كم أتى عليك مذ مت قالت لا نفس بعد الحياة ولا روح تحصي السنين فأتاه نداء أنها قد ماتت منذ أربعة وتسعين سنة فسلها قال فبماذا مت قالت كنت جالسة ذات يوم إذ أتاني مثل السهم من السماء فدخل جوفي مثل الحريق وكان مثلي مثل رجل دخل الحمام فأصابه حره فهو يلتمس الروح مخافة على نفسه بأن تهلك قال فأتاني ملك الموت ومعه أعوان وجوههم مثل وجوه الكلاب بادية أنيابهم زرق أعينهم كلهبان النار بأيديهم المقامع يضربون وجهي ودبري فانتزعوا روحي فكشطوها عني ثم وضعه ملك الموت على جمرة من جمار جهنم ثم لفه في قطع مسح من مسوح جهنم فرفعوا روحي إلى السماء فمنعتهم السماء أن يدخل وأغلقت الأبواب دونه فأتاني نداء أن ردوا هذه النفس الخاطئة إلى مثواها ومأواها ثم ساق الخبر بطوله في نحو ورقتين وقد رواه أبو نعيم في الحلية من هذا الطريق وأورده بطوله وروى أبو نعيم أيضاً عن كعب قال مر عيسى بجمجمة بيضاء فقال يا رب هذه الجمجمة أحيها فأوحى الله إليه أن أشح بوجهك قال ففعل ثم حوّل وجهه فإذا شيخ متكئ على كارة من بقل ثم ساقه.
٣٩٤٦ - (ومنها مشاهدة الملكين الحافظين قال وهيب) بن الورد المكي العابد الثقة أبو عثمان قيل اسمه عبد الوهاب ووهيب لقبه روى له مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي (بلغنا أنه