أدّت استنابته إلى تأخير ذلك المنكر ولو لحظة وهو - صلّى الله عليه وسلم - سمع كلام هذا الرجل ثم ولم يأمرهم أن يقولوا له أزل هذا إلا بعد قيامه من المجلس فأخّر الإزالة إلى انقضاء المجلس وهذا لا يقوله إلا جاهل بالفقه وقواعد فتعين ما ذكرته من أن ذلك الأثر الذي كان عليه لم يكن محرماً ويؤيد ذلك أنه - صلّى الله عليه وسلم - لما رأى على عمرو بن العاص ثوبين معصفرين أمره فوراً بإزالتهما فإن قلت أمر هنا عمراً وثم أنابهم في ذلك قلت لما تقرر أن عمراً عليه محرم بخلاف ذلك الرجل وبفرض تحريم المعصفر الذي قال به كثيرون فوجهه أن عمراً عليه محرم يفرح بذلك ويبادر إلى امتثاله وذلك الرجل لعله قريب عهد بالإسلام فخشي عليه إن واجهه بأمره بإزالة ما عليه ففوّضه لغيره لا على وجه الإلزام به وهذا أيضاً مما يصرح بأنه لم يكن محرماً.
قال العراقي: رواه أبو داود والترمذي في الشمائل والنسائي في اليوم والليلة من حديث أنس بإسناد ضعيف اهـ.
قلت: وكذلك رواه أحمد والبخاري في الأدب المفرد وفي رواية للطيالسي وأحمد والنسائي لو أمرتم هذا أن يغسل عنه هذه الصفرة ورواه كذلك البخاري والبيهقي من حديث أبي هريرة بهذا اللفظ.
٢٢٧٧ - (بال أعرابي في المسجد بحضرته فهم به الأصحاب) أي قصدوا منعه عن ذلك (فقال - صلّى الله عليه وسلم - لا تزرموه) بضم التاء الفوقية وسكن الزاي (أي لا تقطعوا عليه البول) فإنه يضر البائل قال ذلك شفقة عليه (ثم قال له إن هذه المساجد لا تصلح لشيء من القذر والبول والخلاء) أي الغائط (وفي روايه قربوا ولا تنفروا).
قال العراقي: متفق عليه من حديث أنس اهـ:
٢٢٧٨ - (وجاء أعرابي يطلب منه شيئاً فأعطاه رسول الله - صلّى الله عليه وسلم - ثم قال له أحسنت إليك) يخبر بذلك باطنه (فقال الأعرابي لا ولا أجملت قال فغضب المسلمون لذلك وقاموا إليه فأشار إليهم أن