الكبائر) جمع كبيرة وهي كل ما ورد فيه وعيد شديد في الكتاب أو السنة وإن لم يكن فيه حد على الأصح (الإشراك) بالله) أي الكفر به (وعقوق الوالدين) أو أحدهما لأن عقوق أحدهما يستلزم عقوق الآخر غالباً أو يجر إليه وضابطه أن يفعل معهما ما يتأذيان به تأذياً ليس بالهين وليس المناط وجود التأذي الكثير بل أن يكون ذلك من شأنه أن يتأذى منه كثيراً فإن قلت أكبر الكبائر لا يكون إلا واحداً وهو الشرك فكيف التعدد هاهنا وأيضاً فتحول القتل والزنا أكبر من العقوق فلم حذفا وذكر هو قلت ادعاء أن الأكبر لا يكون إلا واحداً إنما هو إن أريد الحقيقة أما أن أريد بالأكبر لنسبي فهو يكون متعدد أو لا شك أن الأكبر بالنسبة إلى بقية الكبائر أمور أشار إليها - صلّى الله عليه وسلم - بقوله اتقوا السبع الموبقات الحديث وحينئذ فالأكبر هاهنا لتعدده في الجواب يراد به الأمر النسبي وإنما ترك ذكر القتل ونحوه في هذا الحديث لأنه علم من أحاديث أخر أن ذلك أكبر الكبائر بعد الشرك على أنه - صلّى الله عليه وسلم - كان يراعي في مثل ذلك أحوال الحاضرين كقوله مرة أفضل الأعمال الصلاة لأوّل وقتها أو لوقتها وأخرى أفضل الأعمال الجهاد وأخرى أفضل الأعمال بر الوالدين وغير ذلك من نظائر له مما لا نخفي (ثم قعد) بعد أن كان متكئاً تنبيهاً على عظيم إثم ما يقوله (فقال ألا وقول الزور) وإنما خص بذلك لأنه يترتب عليه الزنا والقتل وغيرها فكان أبلغ ضرراً من هذه الحيثية.
قال العراقي: متفق عليه من حديث أبي بكرة اهـ.
قلت: ورواه أيضاً الترمذي في الشمائل ولفظه وجلس وكان متكئاً فقال ألا وشهادة الزور أو وقول الزور وعند البخاري ألا وقول الزور وشهادة الزور فما زال يقولها حتى قلنا ألا ليته سكت وروى البخاري أيضاً من حديث أنس رضي الله عنه أكبر الكبائر الإشراك بالله وقتل النفس وعقوق الوالدين وشهادة الزور.
٢٦٨٠ - (قال ابن عمر) رضي الله عنه (قال النبي - صلّى الله عليه وسلم - إن العبد ليكذب الكذبة فيتباعد الملك عنه مسيرة ميل من نتن ما جاء به).