٢٩٧٤ - (قال الحسن) البصري رحمه الله تعالى (بلغني أن رسول الله - صلّى الله عليه وسلم - قال لأصحابه إنما مثلي ومثلكم ومثل الدنيا كمثل قوم سلكوا مفازة غبراء) أي لا نبات بها ولا ماء (حتى إذا لم يدروا ما سلكوا منها أكثر أو ما بقي) منها (أنفدوا الزاد) أي فني زادهم (وحسروا الظهر) أي أعروه وهو كناية عن هلاك ما يركبونه (وبقوا بين ظهراني المفازة ولا زاد) لهم (ولا حمولة) تبلغهم وفي لفظ فحسر ظهرهم ونفد زادهم وسقطوا بين ظهراني المفازة (فأيقنوا بالهلكة) محركة أي الهلاك (فبينما هم كذلك إذ خرج عليهم رجل في حلة يقطر رأسه) أي مدهناً رأسه غير أشعث (فقالوا هذا قريب) وفي لفظ لحديث (عهد بريف) أي خصب (وما جاءكم هذا إلا من قريب فلما انتهى إليهم قال يا هؤلاء) القوم (قالوا يا هذا الرجل قال على ما أنتم) أي على أي حال أنتم (فقالوا على ما ترى) من الضنك والشدة حسر ظهرنا ونفد زادنا وسقطنا بين يدي ظهراني المفازة لا ندري ما قطعنا منها أكثر أم ما بقي منها (قال أرأيتم إن هديتكم إلى ماء رواء) ككتاب أي ما يرويكم وتصدون منه على الري (ورياض خضر ما تعملون قالوا لا نعصيك شيئاً قال عهودكم ومواثيقكم بالله فأعطوه عهودهم ومواثيقهم بالله) أنهم (لا يعصونه شيئاً) وفي لفظ قال ما تجعلون لي إن أوردتكم ماء رواء ورياضاً خضراً قالوا نجعل لك حكمك قال تجعلون عهودكم ومواثيقكم ألا تعصوني فجعلوا له عهودهم ومواثيقهم أن لا يعصوه (قال فمال بهم فأوردهم ماء رواء ورياضاً خضراً) كما وعدهم (فمكث فيهم ما شاء الله) أن يمكث (ثم قال يا هؤلاء) القوم (قالوا يا هذا) الرجل (قال الرحيل) أي ارتحلوا (قالوا إلى أين قال إلى ماء ليس كمائكم ورياض ليست كرياضكم) بل هي أجمل وأفخر وفي لفظ ثم قال هلموا إلى رياض أعشب من رياضكم وماء أروى من مائكم (فقال أكثرهم والله ما وجدنا هذا