للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلت: ولمسلم عن أنس روايات أخر كان في لحيته شعرات بيض لم ير من الشيب إلاَّ قليلاً لو شئت أن أعد شمطات كن في رأسه ولم يخضب إنما كان البياض في عنفقته وفي الصدغين وفي الرأس نبذ أي شعرات متفرقة وقوله لم يخضب إنما قاله بحسب علمه وفي الصحيحين من حديث ابن عمر إنما كان شيبه - صلى الله عليه وسلم - نحواً من عشرين شعرة بيضاء وهو لا ينافي رواية من قال إلاَّ أربع عشرة شعرة بيضاء لأن الأربع عشرة نحو العشرين لأنها أكثر من نصفها ومن زعم أنه لا دلالة لنحو الشيء على القرب منه فقد وهم نعم روى البيهقي عن أنس نفسه ما شانه الله بالشيب ما كان في رأسه ولحيته إلا سبع عشرة أو ثمان عشرة شعرة بيضاء وقد يجمع بينهما بأن إخباره اختلف لاختلاف الأوقات أو بأن الأول إخبار عن عدة والثانية إخبار عن الواقع فهو لم يعد إلا أربع عشرة وأما في الواقع فكان سبع عشرة أو ثمان عشرة وقد يجمع بين الروايات المختلفة فيمن قال أنه - صلى الله عليه وسلم - شاب ومن نفاه فالذي نفاه نفى كثرته لا أصله وسبب قلة شيبه أن النساء يكرهنه غالباً ومن كره من النبي - صلى الله عليه وسلم - شيئاً كفر وهذا معنى قول أنس ولم يشنه الله بالشيب وأما خبر أن الشيب وقار ونور فيجاب عنه بأنه وإن كان كذلك لكنه يشين عند النساء غالباً وبأن المراد من الشيب المنفي الشين عند من كرهه لا مطلقاً لتجتمع الروايتان وروى البخاري عن أبي جحيفة كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أبيض قد شمطا ومسلم عنه رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهذه منه بيضاء ووضع الراوي بعض أصابعه في عنفقته وأخرج مسلم والنسائي عن جابر بلفظ كان قد شمط مقدم رأسه ولحيته وعند مسلم كان إذا ادهن لم يتبين أي الشيب وإذا أشعث تبين قال شارحه لأنه عند الادهان يجمع شعره فيخفي شيبه لقلته وعند عدمه يتفرق شعره فيظهر شيبه والله أعلم.

٣٤٧ - يقال أن يحيى بن أكثم التميمي أبو محمد المرزي القاضي روى عن عبد العزيز بن أبي حازم وابن المبارك وعن الترمذي والسراج وكان من بحور العلم لولا دعابة فيه وتُكلَّم فيه توفي بالربذة منصرفاً من مكة سنة ٢٤٣ (ولي القضاء) الأكبر بالبصرة (وهو ابن إحدى وعشرين سنة) وهذا ذكره صالح شاذان سمعت منصور بن إسماعيل يقول ولي يحيى بن أكثم قضاء

<<  <  ج: ص:  >  >>