من علامات النبوّة شيء إلا وقد عرفته في وجه محمد حين نظرت إليه إلا خصلتين يسبق حلمه جهله ولا يزيده شدة الجهل عليه إلا حلماً فكنت أتلطف له لأن أخالطه فأعرف حلمه وجهله فابتعت منه تمراً إلى أجل فأعطيته الثمن فلما كان قبل محل الأجل بيومين أو ثلاثة أتيته فأخذت بمجامع ثوبه ونظرت إليه بوجه غليظ ثم قلت له إلا تقضيني يا محمد حقي فوالله إنكم يا بني عبد المطلب مطل فقال عمر أي عدوّ الله أتقول لرسول الله ما أسمع فوالله لولا ما أحاذر فوته لضربتك بسيفي رأسك ورسول الله ينظر إلى عمر في سكون وتؤدة وتبسم ثم قال أنا وهو كنا أحوج إلى غير هذا منك يا عمر أن تأمرني بحسن الأداء وتأمره بحسن التقاضي اذهب به يا عمر فاقضه حقه وزده عشرين صاعاً مكان ما رعته ففعل فقلت يا عمر كل علامات النبوّة كنت قد عرفتها في وجه رسول الله - صلّى الله عليه وسلم - حين نظرت إليه إلا اثنتين لم أخبرهما فذكرهما ثم قال أشهدك أني قد رضيت بالله رباً وبالإسلام ديناً وبمحمد نبياً ورجال الإسناد موثقون وقد صرح الوليد فيه بالتحديث ومداره على محمد بن السري الراوي له عن الوليد وثقه ابن معين ولينه أبو حاتم وقال ابن عدي محمد كثير الغلظ قال الحافظ في الإصابة وقد وجدت لقصته شاهداً من وجه آخر لكن لم يسم فيه قال ابن سعد حدثنا يزيد ثنا جرير بن حازم حدثني من سمع الزهري يحدث أن يهودياً قال فما كان بقي من نعت محمد في التوراة إلا رأيته إلا الحلم فذكر القصة.
قال ابن السبكي:(٦/ ٣٢٢) حديث: كان أحلم الناس وأعدل الناس وأعف الناس لم أجد له إسناداً.
٢٠٨٤ - كان - صلّى الله عليه وسلم - (أشجع الناس).
قال العراقي: متفق عليه من حديث أنس اهـ.
قلت: ولفظهما كان - صلّى الله عليه وسلم - أحسن الناس وأشجع الناس وأجود الناس والاقتصار على هذه الثلاثة من جوامع الكلم فأنها أمهات الأخلاق إذ لا يخلو كل إنسان من ثلاثة قوى الغضبية وكمالها الشجاعة والشهوية وكمالها الجود والعقلية وكمالها النطق بالحكمة.