فكانت أولى بالاعتبار وهذا يدل على غاية تواضعه - صلّى الله عليه وسلم - إذ لو سأل مياسير أصحابه في رهن درعه لرهنوها على أكثر من ذلك فإذا ترك سؤالهم وسأل يهودياً ولم يبال بأن منصبه الشريف يأبى أن يسأل مثل يهودي في ذلك فدل على غاية تواضعه وعدم نظره لحقوق مرتبته وفيه دليل على ضيق عيشه - صلّى الله عليه وسلم - لكن عن اختيار لا عن اضطرار لأن الله تعالى فتح عليه في أواخر عمره من الأموال ما لا يحصى وأخرجها كلها في سبيل الله وصبر هو وأهل بيته على مر الفقر والضيق والحاجة التامة.
قال ابن السبكي:(٦/ ٣٢٢) حديث (كان يؤثر مما أدخر لعياله من قوت السنة) لم أجد له إسناداً.
٢٠٩٢ - (كان) - صلّى الله عليه وسلم - (يخصف النعل) أي يصلحها بترقيع وخرز (ويرقع الثوب) أي يضع لما وهي منه رقعة أخرى يخيطها به (ويخدم في مهنة أهله) المهنة بالكسر وأنكرها الأصمعي وقال الكلام بالفتح يقال هو في مهنة أهله أي في خدمتهم وخرج في ثياب مهنته أي في ثياب خدمته التي يلبسها في أشغاله وتصرفاته.
قال العراقي: رواه أحمد من حديث عائشة كان يخصف نعله ويخيظ ثوبه ويعمل في بيته كما يعمل أحدكم في بيته ورجاله رجال الصحيح ورواه أبو الشيخ بلفظ ويرقع الثوب وللبخاري من حديث عائشة كان يكون في مهنة أهله اهـ.
قلت: وروى الترمذي في الشمائل كان يفلي ثوبه أي يلقط ما فيه من القمل ونحوه وظاهر ذلك أن نحو القمل كان يؤذي بدنه الشريف إلا أن يقال لا يلزم من التفلية وجوده بالفعل ونقل ابن سبع أنه لم يكن القمل يؤذيه تعظيماً له وروى أبو نعيم في الحلية من حديث عائشة كان يفلي ثوبه ويحلب شاته ويخدم نفسه.
[٢٠٩٣ - (ويقطع اللحم معهن).]
قال العراقي: رواه أحمد من حديث عائشة أرسل إلينا آل أبي بكر بقائمة