فلا مانع من خفائه على من بعد عن تلك الأقاليم وليس هو دون الكسوف الذي يظهر بمحل دون آخر على أنه لولا إخبار المنجمين قبل وقوعه لربما خفي على أكثر أهل الأرض وحكمة عدم بلوغ معجزة من معجزاته غير القرآن تواتره أن ينظر ذلك في الأمم السابقة أعقب هلاك من كذب بها وهو - صلّى الله عليه وسلم - رحمة عامة فكانت معجزته غير عامة لئلا يعاجل المكذبون بما عوجل به من سبقهم وحكى البدر الزركشي عن شيخه العماد ابن كثير أن ما حكي أن القمر دخل من جيبة - صلّى الله عليه وسلم - وخرج من كمه فليس له أصل.
٢٣١٢ - من معجزاته - صلّى الله عليه وسلم - أنه (أطعم النفر الكثير في منزل جابر) بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنه.
قال العراقي: متفق عليه من حديثه اهـ.
قلت: وهو أن جابراً في غزوة الخندق قال انكفأت إلى امرأتي فقلت هل عندك شيء فإني رأيت بالنبي - صلّى الله عليه وسلم - جوعاً شديداً فأخرجت جراباً فيه صاع من شعير ولنا بهيمة داجن أي شاة سمينة فذبحتها أي أنا وطحنت أي زوجتي الشعير جعلنا اللحم في البرمة ثم جئته - صلّى الله عليه وسلم - وأخبرته الخبر سراً وقلت له تعالى وأنت ونفر معك فصاح بأهل الخندق أن جابراً صنع سوراً بالضم وسكون الواو فارسية أي طعاماً يدعو إليه الناس فحيهلا بكم فقال - صلّى الله عليه وسلم - لا تنزلن برمتكم ولا تخبزن عجينكم حتى أجيء فجاء فأخرجت له عجيناً فبصق فيه وبارك ثم عمد إلى برمتنا فبصق وبارك ثم قال ادع خابزة لتخبز معك واقدحي أي اغرفي من برمتكم ولا تزلوها وهم ألف فأقسم بالله لأكلوا حتى تركوه وانحرفوا وإن برمتنا لتغط وشممع غطيطها كما هي وإن عجيننا ليخبز كما هو رواه الشيخان فأخرجه البخاري عن عمر بن على حدثنا أبو عاصم حدثنا حنظلة بن أبي سفيان قال سمعت جابر بن عبد الله يقول لما حفر الخندق رأيت برسول الله - صلّى الله عليه وسلم - خمصاً شديداً فأتيت زوجتي ورواه مسلم عن حجاج بن الشاعر عن أبي عاصم ورواه البيهقي في الدلائل من طريق عباس بن محمد الدوري عن أبي عاصم.