رسول الله ادعهم بفضل أزوادهم ثم ادع الله لهم عليها بالبركة فقال نعم فدعا بنطع فبسط ثم دعا بفضل أزوادهم فجعل الرجل يجيء بكف ذرة ويجيء الآخر بكسرة حتى اجتمع على النطع شيء يسير فدعا رسول الله - صلّى الله عليه وسلم - بالبركة ثم قال خذوا في أوعيتكم فأخذوا في أوعيتهم حتى ما تركوا في العسكر وعاء إلا ملؤه قال فأكلوا حتى شبعوا وفضلت فضلة الحديث ومن ذلك ما روى البخاري ومسلم من حديث أنس قال كان رسول الله - صلّى الله عليه وسلم - عروساً بزينب فعمدت أي أم سليم إلى تمر وسمن وأقط فصنعت حيساً فجعلته في تور فقالت يا أنس اذهب بهذا إلى رسول الله - صلّى الله عليه وسلم - فقل بعثت بهذا إليك أمي وهي تقرئك السلام فقال رسول الله - صلّى الله عليه وسلم - ضعه ثم قال اذهب فادع لي فلاناً وفلاناً رجالاً سماهم وادع لي من لقيت فدعوت من سمى ومن لقيت فرجعت فإذا البيت غاص بأهله قيل لأنس كم كانوا زهاء ثلاثمائة فرأيت النبي - صلّى الله عليه وسلم - وضع يده على تلك الحيسة وتكلم بما شاء الله ثم جعل يدعو عشرة عشرة يأكلون منه ويقول لهم اذكروا اسم الله وليأكل كل رجل مما يليه قال فأكلوا حتى شبعوا فخرجت طائفة حتى أكلوا كلهم قال لي يا أنس ارفع فرفعته فما أدري حين وضعت كان أكثر أم حين رفعت ومن ذلك ما رواه مسلم من حديث جابر قال أن أم مالك كانت تهدي للنبي - صلّى الله عليه وسلم - في عكة لها سمناً فيأتيها بنوها فيسألون الأدم وليس عندهم شيء فتعمد إلى التي كانت تهدي فيها للنبي - صلّى الله عليه وسلم - فتجد فيها سمناً فما زال يقيم لها أدم بيتها حتى عصرته فأتت النبي - صلّى الله عليه وسلم - قال أعصرتيها قالت نعم قال لو تركتيها ما زال قائماً ومن ذلك ما رواه مسلم عنه أيضاً أن رجلاً أتى النبي - صلّى الله عليه وسلم - يستطعمه فأطعمه شطر وسق من شعير فما زال يأكل وامرأته وضيفه حتى كاله فأتى النبي - صلّى الله عليه وسلم - فأخبره فقال لو لم تكله لأكلتم منه ولقام لكم قال النووي في شرح مسلم والحكمة في ذهاب بركة السمن حين عصرت العكة وإعدام بركة الشعير حين كاله أن عصرها وكيله مضاد للتسليم والتوكل على رزق الله تعالى ويتضمن الأخذ بالحول والقوّة وتكلف الإحاطة بأسرار حكم الله تعالى وفضله فعوقب فاعله بزواله ومن ذلك ما أخرج الدارمي وابن أبي شيبة والترمذي من حديث سمرة بن جندب قال كنا مع النبي - صلّى الله عليه وسلم - نتداول من قصعة من غدوة حتى الليل يقوم عشرة