في قلة وجودها مع الكثرة فإن التي تجمع هذه الخمس من الإبل الحمولة قليل فكذلك المؤمن الجامع للخصال الخمس عزيز قليل بين الجملة يجمع الزهد والعلم والعمل والخوف والورع (ولعظمها في قلوبهم قال الله تعالى) في خطابه لهم بتعطيلها عند تكوير شمسها إذا الشمس كوّرت (وإذا العشار عطلت) علمت نفس ما أحضرت يعني يومئذ تشهد ما قدمت من مثاقيل الذر من الخير والشر (قال فأعرض عنها رسول الله - صلّى الله عليه وسلم -) أعني عن العشار الحوامل (وغض بصره فقيل له يا رسول الله هذه أنفس أموالنا) وكرائمها أعرضت عنها (لم لا تنظر إليها فقال قد نهاني الله عن ذلك ثم تلا قوله تعالى ولا تمدن عينيك إلى ما متعنا به الآية) وتمامها أزواجاً منهم زهرة الحياة الدنيا لنفتنهم فيه ورزق ربك خير وأبقى هكذا أورده صاحب القوت بعد أن قال وقد نهى الله رسوله أن يوسع نظره إلى أبناء الدنيا مقتاً لهم وأخبر أن ما أظهره من زينة الدنيا وزهرتها فتنة لهم وأعلمه أن الزهد والقناعة خير وأبقى تنتظم هذه المعاني في قوله تعالى ولا تمدن عينيك إلى ما متعنا به الآية وفي خبر أنه - صلّى الله عليه وسلم - فساقه.
فقال العراقي: لم أجد له أصلاً.
قلت: وروى عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن قتادة قال وإذا العشار عطلت أي سيبها أهلوها أتاهم ما شغلهم عنها فلم تصر ولم تحلب ولم يكن في الدنيا مال أعجب إليهم منها وروى ابن المنذر وابن أبي حاتم عن عروة أنه كان إذا دخل على أهل الدنيا فرأى من دنياهم طرفاً فإذا رجع أهله فدخل الدار قرأ ولا تمدن عينيك إلى قوله نحن نرزقك ثم يقول: الصلاة الصلاة رحمكم الله وقد صاحب القوت بعد أن أورد قصة العشار بمعناه رويناه في الإسرائيليات أن عيسى عليه السلام مر في الحواريين على شجرة خضرة نضرة تحتها غدير فنظروا إليها فأعرض هو فلم ينظر فلما جاوزها قال بحق أقول لكم لقد نقص من عقولكم بمقدار نظركم إلى الدنيا.