ويروى كذلك عن أنس بلفظ من غسل واغتسل وبكر وابتكر وأتى الجمعة واستمع وأنصت غفر له ما بينه وبين الجمعة الأخرى رواه الخطيب ويروى كذلك عن أبي طلحة بلفظ من غسل واغتسل وغدا وابتكر ودنا من الإمام وأنصت ولم يلغ في يوم الجمعة كتب الله له بكل خطوة خطاها إلى المسجد صيام سنة وقيامها رواه الطبراني في الكبير عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن أبيه عن جده المصنف (وهو حمل الأهل على الغسل) ولفظ القوت فمعنى قوله غسّل بالتشديد أي غسّل أهله كناية عن الجماع اهـ وفهم ذلك من تشديد اللفظ يقال غسله أي حمله على ما يوجب الغسل أو تسبب له فيه وحذف مفعوله اكتفاه فيكون الاغتسال مقصوراً على نفسه والتغسيل لغيره وهذه الرواية هي المشهورة عند المحدثين وحمل الحديث على هذا المعنى إذا كان التغسيل في يوم الجمعة لتحصيل فضيلة الغسل للجانبين شائع فأما على تقدير وقوع الجماع في ليلة الجمعة ففيه نظر لأنه إن جامع ليلة الجمعة فلا يخلو عن حالين إما أنه يغتسل فينام على طهارة أو ينام فيقوم فيغتسل فإن اغتسل قبل الفجر كما هو الأكثر فلا يتم إلاَّ على قول الأوزاعي حيث يقول وقت غسل الجمعة من قبل طلوع الفجر وإن قام بعد الفجر ثم اغتسل فقد حصل غسل الجمعة على قول من جعل وقته ممتداً من بعد الفجر إلاّ أنه يعكر عليه بقاؤه على الجنابة إلى ذلك الوقت فالأولى أن يقال إن جامع ليلة الجمعة فينوي بذلك تفرغ قلبه من شهوات النفس الأمارة وليكون ادعى لغض بصره إذا مر إلى الجمعة فعسى أن يفيء نظره على ما لا يباح له النظر إليه فيكون سبباً لشتات خاطره فتأمل ذلك (وقيل معناه غسل ثيابه فروى بالتخفيف) وحذف المفعول كذلك اكتفاء ولفظ القوت وبعض الرواة يخففه فيقول غسل واغتسل ويكون معناه عنده غسل رأسه (واغتسل لجسده) هذا لفظ القوت وقد حمل رواية التخفيف على غسل رأسه والمصنف خالفه فحملها على معنى غسل ثيابه وكلاهما حسن إلا أن الغالب إذ ذاك توفير شعورهم وتغليفها بالخطمي ونحو ذلك فكانوا يؤمرون بتنظيف شعر الرأس ثم بالغسل المسنون تأكيداً لهم في ذلك على أنا إذا حملنا رواية التشديد على هذا المعنى الأخير صح أيضاً كما لا يخفى.