وأجاب صاحب المحيط عن صلاة النبي - صلّى الله عليه وسلم - على سهيل بن البيضاء في المسجد بأنه صلّى الله عليه وسلّم كان معتكفاً إذ ذاك فلم يمكنه الخروج من المسجد فأمر بالجنازة فوضعت خارج المسجد فصلى عليها في المسجد للعذر وهذا دليل على أن الميت إذا وضع خارج المسجد لعذر والقوم كلهم في المسجد أو الإمام وبعض القوم خارج المسجد والباقون في المسجد لا يكره ولو كان من غير عذر اختلف فيه المشايخ بناء على اختلافهم أن الكراهة لأجل التلويث أو كان المسجد بني لأداء المكتوبات لا لصلاة الجنازة ولما صلت أزواج النبي - صلّى الله عليه وسلم - على جنازة سعد بن أبي وقاص في المسجد قالت عائشة رضي الله عنها هل عاب الناس علينا ما فعلنا فقيل لها نعم فقالت ما أسرع ما نسوا ما صلّى رسول الله - صلّى الله عليه وسلم - على جنازة سهيل بن البيضاء إلاَّ في المسجد وفيه دليل على أن الناس ما عابوا عليها ذلك وأنكروه وجعله بعضهم بدعة إلاّ لاشتهار ذلك عندهم لما فعلوه ولا يكون ذلك إلا لأصل عندهم لأنه يستحيل عليهم أن يروا رأيهم حجة على حديث عائشة ويدل على ذلك أنه - صلّى الله عليه وسلم - لما نعى النجاشي إلى الناس خرج بهم إلى المصلي فصلى عليه ولم يصل عليه في المسجد مع غيبته فالميت الحاضر أولى أن لا يصلي عليه في المسجد وقد روى الصلاة على أبي بكر في المسجد بسند رجاله ثقات أخرجه أبو بكر بن أبي شيبة في المصنف قال حدثنا حفص يعني ابن غياث عن هشام عن أبيه قال ما صلّى على أبي بكر إلاَّ في المسجد وهذا يصلح أن يكون حجة للإمام الشافعي رضي الله عنه وهو أولى بالاحتجاج مما أخرجه البيهقي في السنن من طريقين ضعيفين في إحداهما إسماعيل الغنوي وهو متروك وفي الثانية عبد الله بن الوليد لا يحتج به وقال الشيخ الأكبر قدس سره في كتاب الشريعة أما الصلاة على الجنائز في المقابر ففيه خلاف وبالجواز أقول في ذلك كله إلاَّ في الصلاة عليها في المسجد فإني رأيت رسول الله - صلّى الله عليه وسلم - يكره ذلك فكرهته رأيته - صلّى الله عليه وسلم - في النوم وقد دخل بجنازة في جامع دمشق فكره ذلك وأمر بإخراجها فأخرجت إلى باب جيرون وصلّى عليها هنالك وقال لا تدخلوا الجنازة المسجد.
٥٩٠ - (روي أنه - صلّى الله عليه وسلم - صلّى ركعتين بعد العصر فقيل له أما