التوسع في الخير وقيل اكتساب الحسنات واجتناب السيئات (و) إن (البر يهدي إلى الجنة) يعني إن الصدق الذي هو بر يدعو إلى ما يكون براً مثله وذلك يدعو إلى دخول الجنة فهو سبب لدخولها ومصداقه قوله تعالى إن الأبرار لفي نعيم (وإن الرجل) ذكر الرجل وصف طردي والمراد الإنسان المؤمن (ليصدق) أي يلازم الصدق (حتى يكتب عند الله صديقاً) أي يتكرر منه الصدق ويدوم عليه قولاً وفعلاً واعتقاداً حتى يستحق اسم المبالغة فيه ويشتهر بذلك عند الملأ الأعلى فالمراد بالكتابة الكتابة في اللوح أو في صحف الملائكة (وإن الكذب) الذي هو مقابل الصدق (يهدي) أي يوصل (إلى الفجور) الذي هو شق ستر الديانة والميل إلى الفساد والانبعاث في المعاصي وهو اسم جامع لكل شر (وإن الفجور يهدي إلى النار) أي إلى ما يكون سبباً لدخولها وذلك داع لدخولها (وإن الرجل ليكذب) أي يكثر الكذب (حتى يكتب عند الله كذاباً) أي يحكم له بذلك ويستحق الوصف فمنزلة الصديقين وثوابهم في الأول والكذابين وعقابهم في الثاني فالمراد إظهاره لخلقه بالكتابة فيما ذكر ليشتهر في الملأ الأعلى ويلقى في قلوب أهل الأرض ويوضع على ألسنتهم كما يوضع القبول والبغضاء في الأرض ذكره العلائي وغيره وتبعهم الحافظ في الفتح وقال بعضهم المضارعان وهما يصدق ويكذب للاستمرار ومن ثم كان الكذب أشد الأشياء ضرراً والصدق أشدهما نفعاً ولهذا علت رتبته على رتبة الإيمان لأنه إيمان وزيادة وقال النووي فيه حث على تحري الصدق والاعتناء به وتحذير من الكذب والتساهل فيه فإنه إذا تساهل فيه أكثر منه وعرف به وقال الراغب الصدق أحد أركان بقاء العالم حتى لو توهم مرتفعاً لما صح نظامه وبقاؤه وهو أصل المحمودات وركن النبوّات ونتيجة التقوى ولولاه لبطلت أحكام الشرائع والاتصاف بالكذب انسلاخ من الإنسانية لخصوصية الإنسان بالنطق ومن عرف بالكذب لم يعتمد نطقه وإذا لم يعتمد لم ينتفع وإذا لم ينتفع صار هو والبهيمة سواء بل