ثم قال أنت عبد الملك الذي كنت تعدني فأرجوك وتوعدني فأخافك أمسيت ومالك من الأرض العريضة التي ملكتها بالسيف إلا قيس مضجعك ولا من أموالك التي تملكتها بالغلبة إلا ثوباك إن الذي يغتر بالدنيا بعدك لمغرور وكان الشعبي حاضراً فأعجبه.
وقال أيضاً: حدثنا عبد الله بن الهيثم حدثنا الأصمعي قال أثيرت صخرة أيام عبد الملك فوجدوا عليها مكتوباً:
ومن يحمد الدنيا لأمر يسره ... فسوف لعمري عن قليل يلومها
إذا أدبرت كانت عناءً وحسرةً ... وإن أقبلت كانت كثيراً همومها
فأخبر بذلك عبد الملك فجعل يبكي.
وقال أيضاً: حدثنا عبيد الله بن محمد بن سليمان بن أبي شيخ حدثنا محمد بن الحكم الشيباني عن عوانة قال لما قتل عبد الملك مصعب بن الزبير تلقاه أهل الكوفة بالنخيلة فأقبل على الهيثم بن الأسود وعمرو بن حريث يحدثهما فجعل عمرو يقول هذا منزل بناه زياد وهذه مقصورة بناها زياد وهذا بناه المختار فتمثل عبد الملك:
وكل جديد يا أميم إلى البلى ... وكل امرئٍ يوماً يصير إلى كان
وقال له الهيثم يا أمير المؤمنين رأيت ابن زياد في هذا المجلس ورأس الحسين بين يديه ثم رأيت المختار جالساً ورأس ابن زياد بين يديه ثم رأيت مصعباً جالساً فيه ورأس المختار بين يديه وهذا رأس مصعب بين يديك فوجم لها عبد الملك وقال أبو الحسن المدائني عن أبي زكريا العجلاني كان عبد الملك يقول أخاف الموت في شهر رمضان فيه ولدت وفيه فطمت وفيه ختمت القرآن وفيه بويع لي بالخلافة فأنا أخاف الموت فيه فمات في شوّال حين أمن الموت في نفسه ووثق بالحياة وكان يقول لله در ابن قمئة حيث يقول:
كأني وقد خلفت سبعين حجة ... خلعت بها عن منكبيّ ردائيا