يقول صلى فبدأ ببسم الله الرحمن الرحيم لأم القرآن ولم يقرأ بها للسورة التي بعدها كما تقدم عند الحاكم وتارة يقول فلم يقرأ بسم الله الرحمن الرحيم حين افتتح القرآن وقرأ بأم الكتاب كما هو عند الدارقطني في رواية إسماعيل بن عياش وتارة يقول فلم يقرأ بسم الله الرحمن الرحيم لأم القرآن ولا للسورة التي بعدها كما هو عند الدارقطني في رواية ابن جريج ومثل هذا الاضطراب في السند والمتن مما يوجب ضعف الحديث لأنه مشعر بعدم ضبط الوجه الثاني أن شرط الحديث الثابت أن لا يكون شاذاً ولا معللاً وهذا شاذ معلل فإنه مخالف لما رواه الثقات الأثبات عن أنس ومما يرد حديث معاوية هذا أن أنسا كان مقيماً بالبصرة ومعاوية لما قدم المدينة لم يذكر أحد فيما علمناه أن أنسا كان معه بل الظاهر أنه لم يكن معه والله أعلم والوجه الثالث أن مذهب أهل المدينة قديماً وحديثاً ترك الجهر بها ومنهم من لا يرى قراءتها أصلاً ولا يحفظ من أحد عن أهل المدينة بإسناد صحيح أنه كان يجهر بها إلاَّ شيء يسير وله محمل وهذا عملهم يتوارثه آخرهم عن أولهم فكيف ينكرون على معاوية ما هو سنتهم هذا باطل والوجه الرابع أن معاوية لو رجع إلى الجهر بالبسملة كما نقلوه لكان هذا معروفاً من أمره عند أهل الشام الذين صحبوه ولم ينقل ذلك عنهم بل الشاميون كلهم خلفاؤهم وعلماؤهم كان مذهبهم ترك الجهر بها وما روي عن عمر بن عبد العزيز من الجهر بها فباطل لا أصل له والأوزاعى إمام الشام ومذهبه في ذلك مثل مذهب مالك لا يقرؤها سراً ولا جهراً ومن المستبعد أن يكون هذا حال معاوية ومعلوم أن معاوية صلى مع النبي صلى عليه وسلم فلو سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - يجهر بالبسملة لما تركها حتى تنكر عليه رعيته أنه لا يحسن يصلي وهذه الوجوه من تدربها علم أن حديث معاوية هذا باطل أو مغير عن وجهه وقد يتمهل فيه ويقال: إن كان هذا الإنكار على معاوية محفوظاً فإنما هو إنكار لترك إتمام التكبير لا لترك الجهر بالبسملة ومعلوم أن ترك إتمام التكبير كان مذهب الخلفاء من بني أمية وأمرائهم على البلاد حتى إنه كان مذهب عمر بن عبد العزيز وهو عدم التكبير حين يهوى ساجداً بعد الركوع وحين يسجد بعد القعود وإلاّ فلا وجه لإنكارهم عليه ترك البسملة وهو مذهب الخلفاء الراشدين وغيرهم من أكابر الصحابة ومذهب أهل المدينة أيضاً