ومع هذا الرفض فلم ييأس اليهود فأرسلوا مندوبهم إياه (نباش بن قيس) ثانية ليعرض على النبي القائد - صلى الله عليه وسلم - عرضًا آخر، يطلبون فيه أن يسمح لهم (رجالًا ونساء وأطفالًا) بالجلاء عن يثرب والنجاة بأرواحهم، وأبلغوه أنهم يوافقون على ترك كل ما يملكون للمسلمين، فلا يحملون معهم أي شيء من المال.
وعندما تقدم نباش بن قيس بهذا الطلب إلى القائد الأعلى للجيش الإسلامي (باسم بني قريظة) رفض الموافقة عليه وكرر القول بأنه لا يقبل من هؤلاء اليهود إلا التسليم بدون قيد أو شرط.
ولما تبلغت قريظة رفض عرضها الأخير هذا، أسقط في يدها وازدادت مخاوفها وتضاعف قلقها وصار زعماؤها يتخبطون في دوامة من الحيرة والقلق، لا يدرون كيف يتصرفون، لاسيما وأن الحصار قد أجهدهم وأخذ بخناقهم فحطم أعصابهم.
[لا أمل في النجدة]
ولا شك أن يهود بني قريظة قد قلبوا الأمر من جميع وجوهه للاستعانة والاستغاثة بأية فئة يمكنها المساهمة في تخليص رقابهم من الموت المحقق الذي ينتظرهم جزاء خيانتهم العظمى.
ولكن ماذا عسى أن يجديهم التفكير والبحث في هذا الوجه، وبمن يستغيثون ويستنجدون؟ .
أبقريش أم بغطفان.
إن هذه القبائل (بحق) هي أشد قبائل الجزيرة العربية قوة، وأقواها شكيمة. مع العداء الشديد لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهذه القبائل هي التي