وأحس هؤلاء الوثنيون (بدون استثناء) أن استسلام قريش للمسلمين، ووقوع مكة في قبضة القوات النبوية المسلحة، وإنشاء كيان إسلامي في مكة على أنقاض الكيان الوثنى، سيكون ذا أثر مصيرى فعال على مستقبلهم، وإن كيانهم الوثنى - بعد انكسار قريش الأم - أصبح في مهب العاصفة. لذلك صاروا يفكرون بمصيرهم بخوف شديد وهلع بالغ، جث لم يعد لهم مفر من أحد أمرين:
الدخول في دين التوحيد، دين الإِسلام.
أو الدخول في صدام مسلح مع المسلمين حفاظًا على كيانهم الوثنى.
وكانت أولى هذه القبائل الوثنية التي انتابها هذا الشعور، وأشغلها ذلك التفكر، هي قبائل (هوازن) وهي تمثل عدة قبائل عدنانية قوية كثيرة ذات قدرة قتالية ممتازة، ومن هذه القبائل (بنو هلال وثقيف وجشم وبنو سعد وبنو مالك وبنو كلاب وبنو عامر وبنو نصر وبنو الرباب) وأجرامهم الثلاثة الرئيسية التي تنحدر منها جميع أفخاذ هوازن ثلاثة - كلهم لبكر بن هوازن بن منصور بن عكرمة بن خصفة بن قيس بن عيلان بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان - وهؤلاء الأجرام الرئيسية الثلاثة هم: بنو سعد بن بكر، وبنو معاوية بن بكر، وبنو منبه بن بكر.
وهم خلق كثير جدًّا، ويحتلون مناطق شاسعة في قلب الجزيرة العربية. حيث تمتد منازلهم من وادي حنين الواقع على بعد حوالي عشرين كيلو مترًا من مكة حتى بلاد نجد التي تحتل عشائرهم قسمًا كبيرًا منها مما يلي الحجاز واليمن. فهوازن قبائل مِنْ حيث الأصل عدنانية مضرية، ومن حيث الجغرافيا، حجازية نجدية.
كانت هوازن (بعد كنانة) أقرب القبائل العربية الوثنية إلى مواطن الخطر الداهم الذي أصبح يهدد الوثنية بالزوال، والمتمثل في الجيش النبوي الذي أصبح قريبًا جدًّا من ديار هوازن بعد سيطرته على مكة المكرمة.