وعندما بلغ النبي - صلى الله عليه وسلم - أن عمر بن الخطاب أغرى أبا جندل بأبيه سهيل بن عمرو ليقتله قال - صلى الله عليه وسلم -: يا عمر لعله أن يقوم في الله مقامًا يحمد عليه (١).
[عودة المعارضة إلى مناقشة النبي صلى الله عليه وسلم]
وبعد حادثة أبي جندل المؤلمة المؤثرّة عاد الصحابة إلى تجديد المعارضة للصلح، وذهبت مجموعة منهم إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بينهم عمر بن الخطاب لمراجعته، وإعلان معارضتهم مجددًا للصلح، إلَّا أن النبي الأعظم - صلى الله عليه وسلم - استطاع هذه المرة - بما أعطاه الله من صبر وحكمة وحلم وقوة حجة - أقنع المعارضين بوجاهة الصلح، وأنه في صالح المسلمين وأنه نصر لهم، لا نصرًا لأعدائهم كما يتوهمون، فسلّموا نهائيًّا بوجهة نظر الرسول - صلى الله عليه وسلم - وأنَّها الحق والصواب، بمن فيهم كبير المعارضين عمر بن الخطاب، الذي بعد أن أفاق من الصدمة النفسية - ندم ندمًا شديدًا على ما بدر منه من معارضة ومجادلة شديدة للنبيّ - صلى الله عليه وسلم - حتى صار (كما قال): يتصدق ويُعتق الرقاب تكفيرًا عن ما ردّ به على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بهذا الصدد.
فقد قال الواقدي في مغازيه: إن عمر بن الخطاب ورجال معه من الصحابة، قالوا (في استجوابهم): يا رسول الله، ألم تكن حدَّثتنا أنك ستدخل المسجد الحرام وتأخذ مفتاح الكعبة وتعرّف مع المعرّفين؟ - وهَدْينا لم يصل إلى البيت ولا نحن! .