للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكان مالك بن أوس بن الحدثان يتحدث عن مدى أثر الحصى الذي قذف به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في وجوه المشركين فيقول: حدثني عدة من قومى شهدوا ذلك اليوم (مع المشركين) يقولون: لقد رمى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بتلك الكف من الحصيات فما منا أحد إلا يشكو القذى في عينيه، ولقد كنا نجد في صدورنا خفقانًا كوقع الحصى في الطساس، ما يهدأ ذلك الخفقان عنا, ولقد رأينا يومئذ رجالا بيضا على خيل بلق عليهم عمائم حمر، قد أرخوها بين اكتافهم، بين السماء والأرض كتائب كتائب ما يليقون شيئًا (١) ولا نستطيع أن نقاتلهم من الرعب منهم (٢).

[تعليق السهيلى على المعجزة]

وقال السهيلى في كتابه (الروض الأنف ج ٧ ص ٢١٣ تحقيق وتعليق عبد الرحمن الوكيل رحمه الله) تعليقا على هذه المعجزات: ويقول جبير بن مطعم (هو صحابي حضر المعركة): لقد رأيت مثل البجاد يعني الكساء من النمل مبثوثًا، يعني رآه ينزل من السماء. قال: لم أشك أنهما الملائكة، وقد قدم ابن إسحاق قول الآخر: رأيت رجالا بيضا على خيل بلق، وكانت الملائكة فأراهم الله لذلك الهوازنى على صور الخيل والرجال ترهيبًا للعدو، ورآهم جبير على صورة النمل المبثوث إشعارًا بكثرة عددها، إذ أن النمل لا يستطاع عدّها، من أن النملة يضرب بها المثل في القوة، فيقال: أقوى من النملة لأنها تحمل ما هو أكبر من جرمها بأضعاف، وقد قال رجل لبعض الملوك: جعل الله قوتك قوة النملة، فأنكر عليه، فقال: ليس في الحيوان ما يحمل ما هو أكبر منه إلا النملة، وهذا المثل قد ذكره الأصبهاني في كتاب الأمثال مقرونًا بهذا الخبر، وقد أهلك بالنمل أمة من الأمم وهم جرهم اهـ.

ومعجزة أخرى يحدثنا حاجب البيت شيبة الحجبى (بأسلوب أوسع) فيقول -عن سبب اسلامه-: ما رأيت أعجب مما كنا فيه، من لزوم ما مضى عليه آباؤنا من الضلالات، ولما كان عام الفتح ودخل رسول الله


(١) قال في لسان العرب ج ١٢ ص ٢١٠: يقال فلان ما يليق شيئًا من سخائه، أي ما يمسك.
(٢) سيرة ابن هشام ج ٤ ص ٨٢ و ٩١ ومغازي الواقدي ج ٣ ص ٩٠٥ و ٩٠٦ والسيرة الحلية ج ٢ - ص ٢٣٨ والطبرى ج ٣ والبداية والنهاية ج ٤ والكامل في التاريخ ج ٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>