للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مالك بن عوف في قصر لية (١) فلم يأمر بتعقبه أو إزعاجه لأنه كان يطمع في أن يهديه الله للإسلام، وفعلًا، بعث الرسول - صلى الله عليه وسلم - إلى ملك هوازن المذكور مبعوثًا خاصًّا يبلغه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سيعفى عنه وسيعيد إليه أهله وأمواله إن هو دخل في الإِسلام، فأسلم مالك وحسن إسلامه وصار خير عون للإسلام في محاربة من تبقى على الشرك كما سيأتي تفصيله في موطنه من هذا الكتاب.

[الرسول ينهى عن قتل النساء والأطفال]

ووجدت امرأة مقتولة في المعركة، ونسب إلى القائد خالد بن الوليد قتلها، فلما رأى الرسول - صلى الله عليه وسلم - المرأة القتيلة وكانت من المشركين. قال: ما كانت هذه لتقاتل. ثم أمر الرسول - صلى الله عليه وسلم - أحد أصحابه بأن يدرك خالدًا ويقول له: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ينهاك أن تقتل وليدا أو امرأة وعسيفًا (٢). كذلك رأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - امرأة من هوازن مقتولة، فسأل (مستنكرًا) عنها فقال رجل من الجيش: أنا قتلتها يا رسول الله، أردفتها ورائى فأرادت قتلى فقتلتها فأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بدفنها فدفنت (٣).

[تصفية جيوب مقاومة هوازن]

ورغم انهزام هوازن في حنين فإن بعضًا من رجالها قد عسكروا بوادى: (أوطاس) محاولين إعادة تنظيمهم بغية الصمود في وجه المسلمين من جديد. وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - قد أمر أصحابه بتعقب المنهزمين ومطاردتهم. وكان هو - صلى الله عليه وسلم - على رأس القوات المتحركة للمطاردة حتى وصل الطائف فحاصرها.

ولما بلغ الرسول - صلى الله عليه وسلم - تجمع بعض عسكر المشركين بوادى (أوطاس) بعث لمقاتلتهم والقضاء على مقاومتهم سرية بقيادة أبي عامر الأشعري (٤) عم


(١) مغازي الواقدي ج ٣ ص ٩١٧ وسيرة ابن هشام ج ٤ ص ٩٧ والبداية والنهاية ج ٤ ص ٣٣٦ - ٣٧٧.
(٢) العسيف هو الشيخ الفاني وقيل هو الأجير.
(٣) البداية والنهاية ج ٤ ص ٣٣٦ ومغازي الواقدي ج ٣ ص ٩١٢ ومسند أحمد والنسائي.
(٤) أبو عامر الأشعري اسمه عبيد بن سليم بن حضار، وهو عم أبي موسى الأشعري، كان من كبار الصحابة، كان من السابقين الأولين في الإِسلام ذكره ابن قتيبة فيمن هاجر إلى الحبشة. وذكر أنه كان قد عمى ثم أبصر. قتل شهيدًا كما هو مفصل في كتابنا هذا.

<<  <  ج: ص:  >  >>