ولعل من أكبر المكاسب التي جناها الإسلام والمسلمون من صلح الحديبية. هو أَن هنا الصلح قد أَتاح الفرصة للمسلمين والمشركين على السواءِ بأَن يختلطوا بعضهم ببعض.
ولقد كان من نتيجة ذلك الاختلاط الذي حدث بعد أن أمِن الناس بعضهم بعضًا - نتيجة هذا الصلح - أَن عرف المشركون المسلمين على حقيقتهم والإِسلام كما هو. . لا كما كانت تصوّره لهم أَبواق الوثنية المغرضة في مكة.
وقد تأَثر كثير من عقلاءِ المشركين بواقع المسلمين المشرّف الذي لمسوه وشهدوه عن كثب. . تأَثر كثير من هؤلاء العقلاء الوثنيين تأَثُّرًا بالغًا. . . حتى أَنه لم تمض على صلح الحديبية - الذي أَتاح للفريقين بأَن يختلط بعضهم ببعض آمنًا - بضعة عشر شهرًا حتى دخل في الإِسلام من الوثنيين وخاصة القرشيين أَكثر من الذين دانوا بالإسلام خلال خمس عشرة سنة.
ويكفي للتدليل على صحة هذا الرأْي، هو أَن عدد المسلمين يوم أُبرم صلح الحديبية لم يزد على أَلفين - في أَكبر تقدير - .. بينما بلغ عددهم في السنة الثامنة - وقبل فتح مكة بقليل - أَكثر من عشرة آلاف.
[صلح الحديبية هو الفتح العظيم]
وقد دخل أَكثر هؤلاءِ في الإِسلام بفضل الله ثم بفضل ما أَتاحه صلح الحديبية خلال سنتين من اختلاط وتعارف ومناقشة ومفاوضة