للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على جواز قتل الحيوان خشية أن ينتفع به العدو يقول أبو حنيفة في الأغنام. إذا لم تتبع السير ويخشى من لحوق العدو وانتفاعهم بها أنها تذبح وتحرق ليحال بينهم وبين ذلك والله أعلم. قال السهيلى: ولم ينكر أحد على جعفر، فدل على جوازه إلا إذا أمن أخذ العدو له ولا يدخل ذلك في النهي عن قتل الحيوان عبثا (١).

قلت: لا غبار على شرعية ووجاهة صنيع الشهيد جعفر رضي الله عنه حين عقر فرسه بعد أن أحاط به العدو. لأن الخيل في ذلك العصر أهم سلاح حربي. وهو بمثابة سلاح المدرعات في هذا العصر. فجعفر قد عقر فرسه لئلا ينتفع به العدو .. وفي العصر نرى أن من أهم التعليمات للمحاربين أن يتلقوا أي سلاح في أيديهم يكونون غير قادرين على استخدامه. ويخشون أن ينتفع به العدو.

[عودة إلى المنطلق]

وقال الواقدي: وضرب رجل من الروم (جعفر) فقطعه نصفين فوقع أحد نصفيه في كرم، فوجد في نصفه ثلاثون أو بضع وثلاثون جرحا. وحدثني أبو معشر عن نافع عن ابن عمر، قال: ووجد مما قتل من بدن جعفر اثنان وسبعون ضربة بسيف أو طعنة برمح. وقال: حدثني يحيى بن أبي عبد الله بن أبي قتادة عن عبد الله بن أبي بكر بن صالح عن عاصم بن عمر، قال: وجد في بدن جعفر أكثر من ستين جرحا، ووجد به طعنة قد أنفذته (٢).

وقال البخاري: عن عبد الله بن عمر: كنت فيهم في تلك الغزوة (أي غزوة مؤتة) فالتمسنا جعفر بن أبي طالب فوجدناه في القتلى ووجدنا في جسده بضعا وتسعين من ضربة ورمية. قال ابن كثير تفرد به البخاري (٣)


(١) البداية والنهاية ج ٤ ص ٢٤٤.
(٢) مغازي الواقدي ج ٢ ص ٧٦١ تحقيق الدكتور مارسدن جونس (جامعة أكسفورد).
(٣) البداية والنهاية ج ٤ ص ٢٤٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>