للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فزارة تحاول اعتراض النبي فيتحداها]

غير أن قبيلة فزارة بالرغم من الهزيمة الساحقة التي نزلت بحلفائها اليهود في خيبر، وبالرغم من خيبة الأمل التي أصيبت بها لهذه الهزيمة الساحقة، فإن رجال هذه القبيلة قد ظل الأمل يراودهما في الإِيقاع بالمسلمين والتغلب عليهم.

ولهذا قررت فزارة بقيادة عيينة بن حصن أن تهاجم المسلمين مرجعهم من خيبر، فحشدت لهذا الغرض قوات كثيفة من رجالها في المناطق الواقعة على الطريق الذي سيمر به النبي - صلى الله عليه وسلم - بجيشه عائدًا إلى المدينة.

وعندما بلغ النبي - صلى الله عليه وسلم - أن فزارة تنوى مقاتلته أرسل إليها يتحدّاها إذ عيَّن لها موضعًا أبلغها بأنه على استعداد لملاقاة رجالها فيه.

غير أن قادة فزارة لم يكادوا يتبلّغون هذا التحدّى النبوى حتى خارت قواهم وخافوا خوفًا شديدًا، فعدلوا عن قرارهم، وهربوا كل مهرب وذهبوا من طريق النبي - صلى الله عليه وسلم - (مذعورين) كل مذهب بعد أن علموا بتحرّك قواته في اتجاههم (١)، ويظهر أن زعماء فزارة أرادوا بإعلان محاربة المسلمين إخافتهم بأنهم سيقطعون الطريق عليهم لعل ذلك يحمل النبي - صلى الله عليه وسلم - على أن يفاوض هؤلاء الزعماء ليعطيهم شيئًا من المال مقابل التخلى عن اعترض سبيله، لأنهم لا يزالون يذكرون كيف عرض عليهم (قبل معركة خيبر) ثمار خيبر مقابل أن يخلوا بينه وبين اليهود فلا يعينوهم بل يلتزموا جانب الحياد، ولكن هيهات هيهات، فشأن النبي - صلى الله عليه وسلم - -عند زحفه على خيبر- غير شأنه عند عودته منها.

فعند زحفه عليها كان في موقف حرج، أوقعه فيه إصرار غطفان على نجدة اليهود بأربعة آلاف مقاتل ضد المسلمين، الأمر الذي جعل النبي - صلى الله عليه وسلم - وجيشه (يوم ذاك) بين نارين .. اليهود وعددهم عشرة آلاف مقاتل، وغطفان بقيادة سيد فزارة وعددهم أربعة آلاف مقاتل، بينما لا يزيد عدد المسلمين على ألف وأربعمائة مقاتل.


(١) البداية والنهاية ج ٤ ص ٢١٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>