للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَعْدَ إِيمَانِكُمْ إِنْ نَعْفُ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْكُمْ نُعَذِّبْ طَائِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ} (١).

قالوا: ورد عمير على الجلاس ما قال -حين قال: لنحن شر من الحمير- قال: فأنت شر من الحمار، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - الصادق وأنت الكاذب.

وجاء الجلاس إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فحلف ما قال من ذلك شيئًا، فأنزل الله عزَّ وجلَّ على نبيه: {يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ مَا قَالُوا وَلَقَدْ قَالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُوا بَعْدَ إِسْلَامِهِمْ وَهَمُّوا بِمَا لَمْ يَنَالُوا وَمَا نَقَمُوا إلا أَنْ أَغْنَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ مِنْ فَضْلِهِ فَإِنْ يَتُوبُوا يَكُ خَيرًا لَهُمْ وَإِنْ يَتَوَلَّوْا يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ عَذَابًا أَلِيمًا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَمَا لَهُمْ فِي الْأَرْضِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ} (٢).

وكان للجلاس دية في الجاهلية على بعض قومه، وكان محتاجًا، فلما قدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المدينة أخذها له فاستغنى بها.

[توبة مخشى بن حمير]

وقال مخشى بن حمير: قد والله يا رسول الله قعد بي اسمى واسم أبي، فكان الذي عفى عنه في هذه الآية مخشى بن حمير، فسماه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عبد الرحمن أو عبد الله، وسأل الله عزَّ وجلَّ أن يقتل شهيدًا ولا يعلم بمكانه، فقتل يوم القيامة فلم يوجد له أثر.

ويقال في الجلاس بن سويد: إنه كان ممن تخلف من المنافقين في غزوة تبوك، فكان يثبط الناس عن الخروج، وكانت أم عمير تحته، وكان عمير يتيمًا في حجره ولا مال له، فكان يكفله ويحسن إليه، فسمعه وهو يقول: والله لئن كان محمد صادقًا لنحن شر من الحمير، فقال له عمير: يا جلاس، قد كنت أحب الناس إلي، وأحسنهم عندي أثرًا، وأعزهم عليّ أن يدخل عليه شيء نكرهه، والله، لقد قلت مقالة لئن ذكرتها


(١) التوبة آية ٦٥ - ٦٦.
(٢) التوبة آية ٧٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>