للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذا بي هاد غير نفسي ونالنى ... مع الله من طرّدت كل مطرد

أصد وأنأى جاهدًا عن محمد ... وأدعى وأن أنتسب من محمد

هموا ما هم من لم يقل بهواهم ... وإن كان ذا رأى يلم ويفتد

أريد لأرضيهم ولست بلائط (١) ... مع القوم ما لم أهد في كل مقعد

فقل لتثقيف لا أريد قتالها ... وقل لتثقيف تلك غيرى أو عدى

فما كنت في الجيش الذي نال عامرًا ... وما كان عن جرا لسانى ولا يدي

قبائل جاءت من بلاد بعيدة ... نزائع جاءت من سهام ومردد

فذكر المؤرخون أنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - لما قال أبو سفيان في شعره هذا: (مع الله من طردت كل مطرد) قال النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو يضرب على صدر نفسه - أنت طردتنى كل مطرد. وفي رواية: (بل طردك الله كل مطرد). فقال أبو سفيان: يا رسول الله: هذا قول قلته بجهالة وأنت أولى الناس بالعفو والحلم (٢).

[الرسول ينهى عن قتل أبي سفيان بن حرب]

وفي الوقت الذي أهدر فيه الرسول - صلى الله عليه وسلم - دم أخيه وابن عمه أبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب أمر على وجه الخصوص بحقن دم أبي سفيان بن حرب سيد قريش وقائد جيوشها العام. لأن أبا سفيان بن حرب "على ما يظهر" رغم كونه زعيم المشركين في مكة وصاحب حربهم. فإنه كان ذا عقل راجح، ولم يكن في عداوته لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الشدة كالمتطرفين مثل أبي جهل بن هشام وأبي سفيان بن الحارث بن عبد المطلب. والنضر بن الحارث وعقبة بن أبي مُعيط. بل كانت له مواقف تاريخية تدل على بعد النظر والاعتدال .. من ذلك نصحه قريشا بأن تعود بجيشها وتتجنب الاصطدام المسلح مع النبي - صلى الله عليه وسلم - بدر التي دارت فيها المعركة التاريخية


(١) لائط: أي ملصق؛ يقال: لاط حبُه بقلبى أي لصق به.
(٢) انظر سيرة ابن هشام ج ٢ ص ٤٢ وما بعدها، ومغازي الواقدي ج ٢ ص ٨١٠ وما بعدها. والبداية والهاية ج ٤ ص ٢٨٧ وإمتاع الأسماع ص ٣٦٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>