قلة قليلة) على أيدى كثرة غاشمة كافرة متغطرسة .. ها هم الذين خرجوا -قبل سبع سنوات مستخفين خائفين- تاركين مكة فرارًا بديهم. وخوفًا من بطش الوثنية وفتك الشرك .. ها هم يتحركون اليوم من مركز القوة. في اعتزاز المؤمن وثقة المسلم. ليدخلوا مكة مرفوعة رؤوسهم. دون أن يجرأ أحد من أعدائهم وجلادّيهم بالأمس. أن يفكر -مجرد تفكير- في اعتراض سبيلهم. فضلًا عن الاعتداء عليهم .. كما يفعل بالأمس وقبل سبع سنوات.
[قريش تحتج على حمل المسلمين السلاح]
وكان النبي الأعظم - صلى الله عليه وسلم - (كما ذكرنا آنفًا). قد انتخب مائة فارس من المهاجرين والأنصار وأمر قائدهم محمد بن مسلمة الأنصاري بأن يتقدم بهم طليعة أمامه حتى مكة. وذلك من قبيل الحيطة والحذر.
كما قدم الأسلحة والأعتدة الحربية التي قد يضطر إلى استخدامها إذا ما حزبه أمر وهو بمكة .. قدم هذه الأسلحة والأعتدة مع القائد المحارب الشهير، بشير بن سعد الأنصاري. ثم تحرك - صلى الله عليه وسلم - بباقى أصحابه. يقدمهم. ممتطيًا ظهر ناقته القصوى يحيط به الأصحاب من كل جانب تشق أصواتهم عنان السماء بالتلبية والتكبير والتهليل. وقد انتشر بين أيديهم ستون بدنه وهي الهدى المسوق لينحر في مكة.
ولما كانت قريش تتوقع أن يأتي النبي - صلى الله عليه وسلم - في أصحابه لأداء مناسك العمرة كما تنص اتفاقية الحديبية. بعث ساداتها بعدد من رجال استخباراتهم ليضربوا في الأرض بعيدًا عن الحرم ليتحسسوا أخبار الرسول - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه. ويقدموا لهم تقريرًا مفصلًا عن وضع المسلمين والحالة التي هم عليها أثناء تحركهم نحو مكة المكرمة.
وقد وصل رجال استخبارات قريش في استكشافهم إلى مر الظهران (وهو المسمى اليوم بوادى فاطمة) وهناك رأوا كتيبة الفرسان التي يقودها محمد بن مسلمة الأنصاري مدججة بكامل أسلحتها كما رأوا الأسلحة الكثيرة وعدد الحرب الكاملة التي تحملها وسائل النقل والرجال المكلفون بحملها تحت قيادة وإشراف بشير بن سعد الأنصاري .. فأفزعهم ذلك. فسألوا محمد بن مسلمة ..