للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المستحكمة، وأنهم قد أبلغوا الرسول القائد - صلى الله عليه وسلم - ما يشعرون به من ضيق وخوف وقلق لعل هناك ما يقولونه مما يمكن أن يخفف عنهم من شدة الكرب والخوف والضيق والقلق.

يا رسول الله لقد بلغت القلوب الحناجر فهل من شيء نقوله (١).

[التحول الخطير في الموقف]

وهكذا وبينما وقف صفوة أصحاب محمد (بعد أكثر من عشرين ليلة كلها مشحونة بالمحن والبلايا والخطوب والرزايا)، نعم بينما وقفت هذه الصفوة المختارة تنظر (في قلق وخوف متزايد) إلى ميزان المصير، وشوكته تهتز على الصفر تنذر بالميل نحو نهايتهم المفزعة، إذ برجل واحد يهديه الله للإسلام في تلك اللحظات الحاسمة من تاريخ الإسلام.

ثم يسخر الله مواهب هذا الرجل الألمعى في الذكاء والدهاء ليغير (بخدعة سياسية بارعة) مجرى الأحداث الخطيرة، فيقلب موازين القوى لصالح القلة المؤمنة الصابرة الثابتة في مهب العاصفة، فتحدث المعجزة، فيهزم الله الأحزاب ويكتب النصر المؤزر للمسلمين.

فقد فعل دهاء الرجل بقيادات الأحزاب وجيوشها أكثر مما تفعله الجيوش الجرارة.

فكان صنيع هذا الداهية العظيم من أكبر العوامل التي أن إلى تشتيت قوى الأحزاب وعودة الغزاة خائبين متنافرين إلى ديارهم دون أن يحققوا شيئًا من أهدافهم.


(١) البداية والنهاية ج ٤ ص ١١١.

<<  <  ج: ص:  >  >>