غطفان وسلم قد كونت اتحادًا فيما بينها، وأخذت في التحشد لغزو المدينة، فجرّد - صلى الله عليه وسلم - هذه الحملة التأْديبية التي بلغت قوتهہامائتي راكب.
وقد باغت النبي - صلى الله عليه وسلم - هذه القبائل المحتشدّة في عُقْر دارها، حيث وصل بقواته السريعة إلى مكان التحشد وداهمهم على حين غفلة منهم ففروا بمجرد وصول المسلمين، بعد أن تركوا في الوادي خمسمائة بعير استولى عليها جيش المدينة، وقد قسم النبي هذه الغنيمة أَربعة أخماسها بين أفراد الجيش، فخص كل رجل منهم بعيران، وقد بقي الرسول - صلى الله عليه وسلم - بجيشه في ديار سلم وغطفان ثلاثة أيام، لإظهار هيبة المسلمين ولإرهاب العدو، ثم عاد أدراجه إلى المدينة دون أن يلقى حربًا، وكانت هذه الدورية في أواخر شهر شوال من السنة الثانية للهجرة.
[٤ - غزوة السويق]
وهي قوة مطاردة، ألَّفَهَا الرسول - صلى الله عليه وسلم - بسرعة، لمطاردة القوة القرشية التي أغارت بقيادة أبي سفيان بن حرب (١) على المدينة ليلا خلسة.
وتفصيل ذلك أن أبا سفيان عند رجوعه من بدر نذر ألا يمس رأسه ماء من جنابة، حتى يغزو محمدًا، ولذلك جهز مائتي راكب من قريش وقادهم إلى منطقة المدينة ولكنه لم يجرؤ على مهاجمة المدينة بهذه القوة، وإنما قام بأعمال هي أشبه بأعمال القرصنة، حيث عسكر بقوته على مسافة بعيدة من المدينة، ثم دخل إليها تحت جنح الظلام مستخفيًا
(١) تقدمة ترجمة أبي سفيان في كتابنا (غزوة بدر الكبري).