فيسمع ما يقولون، ويراقب ما يفعلون طيلة الأَيام الثلاث، ثم ينقل كل ذلك إِلى النبي وصاحبه في الغار.
فكان يقضي سحابة نهاره مع المشركين في مكة يراقب ما يقولون ويفعلون، فإِذا حلّ المساءُ ذهب إلى الغار ليبلغ الرسول وصاحبه كل ما سمع ورأى بشأنهما.
أما عامر بن فهيرة (مولى الصدّيق) فقد أَوكلت إليه مهمة تموين النبي وصاحبه (طيلة اختفائهما في الغار) بالإِضافة إلى القيام بأعمال تضييع معالم آثار أقدام عبد الله بن أبي بكر الذي يذهب إلى الغار ويعود منه يوميًا.
فقد كان عامر بن فهيرة (حسب الخطة المرسومة) يقضى سحابة نهاره يرعي الغنم مع رعيان مكة، فإذا أمسى راح على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وصاحبه في الغار، فيحلبان ويذبحان، وفي الوقت نفسه يتبع أثر عبد الله بن أبي بكر عند ذهابه إلى الغار فيُعفِّي عليه بآثار الغنم، وكذلك يفعل عند ما يعود عبد الله من الغار إلى مكة، وذلك لئلا تكتشف قريش أثر عبد الله فتستدل به علي وجود النبي وصاحبه في الغار، أَما آثار الغنم وراعيها فلا يلفت النظر في تلك المنطقة، لأَنه أمر عادي.
[النبي يستأنف سيره إلى يثرب]
وهكذا، وبعد أَن استمرت المطاردة الحثيثة ثلاثة أيام دونما جدوي، يئست قريش من العثور علي الرسول - صلى الله عليه وسلم - وصاحبه، فهدأت ثائرتها، وتوقفت أعمال دوريات التفتيش نهائيًا.
وإذ ذاك غادر الرسول - صلى الله عليه وسلم - وصاحبه الغار، واستأْنفا سيرهما