ولهذا فإن بني قريظة لم يفكروا (مطلقا) في الاستنجاد بإخوتهم من يهود خيبر وبني النضير، لأنهم على يقين بأن هؤلاء اليهود لن يصنعوا لهم شيئًا إذا ما استنجدوا بهم.
ولهذا فإنه لم يبق -أمام يهود بني قريظة- بعد الذي بذله من محاولات فاشلة لحقن دمائهم، سوى الإقدام على أحد أمرين.
إما أن تفتح قريظة حصونها وتدخل في معركة فاصلة مع المسلمين يكون الحكم فيها للسيف.
وإما الاستسلام للقائد الأعلى النبي بدون قيد أو شرط وأما الدخول في معركة فاصلة مع المسلمين، فقد أثبتت قريظة أنها أجبن من أن تفكر فيه أبدًا.
ذلك أن سيدها كعب بن أسد قد عرض عليها القيام بهذا العمل البطولي ولكنها رفضت الإقدام عليه وهي ترتجف جبنًا لمجرد ذكره.
إذن، فلا مناص لقريظة من الاستسلام لقوات المسلمين والنزول على حكم الرسول - صلى الله عليه وسلم - بدون قيد أو شرط.
وهذا هو الذي قرره بنو قريطة (أخيرًا)، وذلك طمعًا منهم في أن يعغوا عنهم النبي - صلى الله عليه وسلم - ويحقن دماءهم كما فعل مع بني قينقاع وبني النضير الذين تمردوا عليه واستسلموا له فعفا عنهم.
[محاولة اليهود الأخيرة]
ولكن بني قريظة -قبل أن يبلغوا النبي - صلى الله عليه وسلم - قرار استسلامهم رسميًا قاموا بمحاولة أخرى لعلهم (بها) ينالون شيئًا من تخفيف العقوبة التي كانوا يتوقعونها جزاء غدرهم وخيانتهم.