للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تتحدى المسلمين، وتبدى شيئًا من الاستهانة بهم، وترفض الدخول فيما دخل فيه أكثر سكان الجزيرة من الإِسلام.

وكانت هذه الجيوب الوثنية في واقعها، لا تشك أي تهديد عسكرى لكيان الإِسلام الذي صار صاحب السلطة الأقوى من كل سلطة في ربوع الجزيرة العربية، فقد كانت هذه الجيوب الوثنية مبعثرة في نقاط متباعدة جدًّا في الجزيرة، وليس بينها أي أرتباط عسكرى، يجعلها تشكل قوة حربية متحدة ضد المسلمين.

ولكن بقاء هذه الجيوب المبعثرة القليلة على وثنيتها وعدائها للإِسلام، لا يتفق وأهداف هذا الدين، التي من أهمها توحيد الجزيرة العربية تحت لواء التوحيد وعدم السماح لأى أثر من آثار الوثنية أن يبقى قائمًا في هذه الجزيرة.

لذلك (وكى لا يبقى أيّ سلطان في جزيرة العرب إلا للإِسلام وكى لا يبقى فيها شيء من معالم الوثنية) جرّد الرسول - صلى الله عليه وسلم - خمس حملات عسكرية تولت تصفية كلِّ ما تبقى من جيوب وثنية في مختلف أنحاء الجزيرة.

- ١ -

[حملة تأديب بني تميم محرم سنة تسع للهجرة]

وهي دورية قتال قادها إلى دار بني تميم سيد فزارة عيينة بن حصن (١).

وسبب ذلك أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - بعد عودته من حنين، وبعد أن انتشر الإِسلام بين الأغلبية الساحقة من سكان الجزيرة العربية، بعث برجال من أصحابه إلى مختلف القبائل ليجمعوا لبيت مال المسلمين الزكاة المفروضة. فبعث بريدة بن الحصيب (٢) إلى أسلم وغفار، وبعث عباد بن بشر الأشهلى إلى سليم ومزينة، وبعث رافع بن مكيث (٣) إلى قومه جهينة، وبعث عمرو


(١) انظر ترجمة عيينة هذا في كتابنا (غزة بدر الكبرى).
(٢) انظر ترجمة بريدة في كتابنا (فتح مكة).
(٣) انظر ترجمة رافع هذا في كتابنا (فتح مكة).

<<  <  ج: ص:  >  >>