للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشام (١) واستمروا يؤدون الأتاوة مدة غير قصيرة، بعدها عاد ونشب الصراع المسلح بينهم من جديد بعد أن تمكن أحد فتَّاك غسان وهو (جذع بن عمرو بن المجالد) من قتل رئيس القضاعيين من الضجاعم، وهو سبطة بن المنذر بن داود وفي هذه المرّة تغلب الغساسنة على القضاعيين فأزالوا سلطانهم وغلبوا على ما كان بأيديهم في مشارف الشام (٢) وذلك (على ما يبدو) في أواخر القرن الثالث للميلاد.

[الغساسنة والرومان]

يمكن القول. . إن الشام قد دخلت في حوزة الإِمبراطورية الرومانية في القرن الأوّل قبل الميلاد، غير أن الرومان - منذ ذلك العهد - وعرب الشام يسببون لهم المتاعب. وخاصة الأنباط أهل بطرا (البتراء).

فقد كان هؤلاء الأنباط أصحاب السلطان المطلق على الشام منذ القرن الرابع قبل الميلاد، بدليل أنهم في ذلك العهد هزموا الإِسكندر المقدونى حين سحقوا جيوشه التي حاولت إخضاعهم بقيادة القائد اليونانى أنطيغونس، الذي أبادوا كامل جيشه البالغ أربعة آلاف مقاتل، والذي لم ينج من جنوده سوى القائد أنطيغونس وخمسين فارسًا.

وقد ظل العرب الأنباط (منذ دحرهم لجيوش الإِسكندر) في القرن الرابع قبل الميلاد سادة الشام حتى شمل سلطانهم كل أجزاء سوريا وجزأ من مصر وأجزاء من شمال الجزيرة العربية.

ومنذ بدأت الأطماع في السيطرة على المشرق تختلج في نفوس أباطرة روما (قبل الميلاد) كان هؤلاء الأباطرة يحاولون قهر العرب الأنباط وانتزاع الشام منهم، فجردوا عليهم عدة حملات كان نصيبها جميعًا الهزائم والاندحارات، فاضطر الرومان إلى مهادنة العرب الأنباط، حتى ضعفت في نفوسهم الروح القتالية التي يمتازون بها والتي مصدرها الخشونة القبلية البدوية التي أذهبها عنهم وأذابها في نفوسهم ركونهم إلى الدعة والترف وهنا اغتنم الرومان هذا الضعف


(١) تاريخ ابن خلدون ج ٢ ص ٥٨٣.
(٢) تاريخ ابن خلدون ج ٢ ص ٥٨٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>