أيها القوم إني والله قد أرى الذي في وجوهكم، فإن كنتم غضابًا فاغضبوا على أنفسكم، دُعِيَ القوم ودعيتم، فأسرعوا وأبطأْتم، أما والله لما سبقوكم به من الفضل أشد عليكم فوتًا من بابكم هذا الذي تنافسون فيه، ثم قال: أيها القوم إن هؤلاء قد سبقوكم بما ترون، ولا سبيل لكم والله إلى ما سبقوكم إليه، فانظروا هذا الجهاد فالزموه، عسى الله عزَّ وجلَّ أن يرزقكم الشهادة، ثم نفض ثوبه ولحق بالشام، وخرج بجماعة أهله - إلا ابنته هند - إلى الشام مجاهدًا حتى ماتوا كلهم هنالك (١).
[أثر المعركة على سكان الجزيرة]
وهكذا انتهت معركة بدر بهذا الانتصار الحاسم للمسلمين، الذي تدهورت له سمعة قريش العسكرية والسياسية في بلاد العرب.
لقد دهش العرب قاطبة للنصر الحاسم غير المتوقع الذي ناله المسلمون في هذه المعركة.
وكان اليهود والمنافقون أشد الناس استياءً لهذا النصر المبين.
وبالرغم من تباين الوقع الذي تلقت به أَحزاب الكفر نبأَ انتصار المسلمين في هذه المعركة، فقد كان الاستياءُ عامًّا بينهم، والإجماع منعقدًا منهم على الوقوف في وجه المسلمين.
فقد صمم الجميع على أن لا يمكنوا المسلمين مرة أُخرى من تحقيق أي نصر يزيد من قوتهم ويقوى من شوكتهم.
إلا أن هؤلاء الأعداء قد تباينوا في سلوكهم إزاءِ المسلمين بعد هذا
(١) الاستيعاب في أسماء الأصحاب المطبوع مع الإصابة في تمييز الصحابة ج ١ ص ١١٠.