للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على المدينة قال: "هذه طابة، وهذا جبل أحد يحبنا ونحبه. وقال البخاري: حدثنا عبد الله بن محمد حدثنا سفيان عن الزهري عن السائب بن يزيد قال: أذكر أني خرجت مع الصبيان نتلقى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى ثنية الوداع مقدمه من غزوة تبوك.

[قصة الثلاثة الذين تخلفوا عن غزوة تبوك فتاب الله عليهم]

الضعف البشرى يكاد يكون من الصفات التي لا تفارق الإِنسان، بل هي من صفاته الأساسية وحتى في العهد النبوي، عهد الإِيمان والصدق والتضحية والفداء والصبر والإِيمان ونكران الذات في سبيل نصرة العقيدة. حتى في ذلك العهد المثالي المشرق الذي جيله هم المثل الأعلى لمن أتى بعدهم في السمو والبذل والعطاء إلى حد السخاء بالروح في سبيل دعم العقيدة، حتى في ذلك العهد النبوي - حيث كان الوحى ينزل من السماء على رسول الأمة - صلى الله عليه وسلم - فعل الضعف البشرى فعله الجالب للعقوبة في مجموعة من الصفوة المختارة من أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم -، فأتوا ما نكد عليهم صفو حياتهم وعمل تمزيقًا بخناجر الهم والحزن في قلوبهم الطاهرة التي لم يخالطها شك أو ارتباب في الدين الذي ناصروه والنبي الذي أحبوه بكل معاني هذه الكلمة، إذ تخلفوا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في غزوة تبوك لا عن ضعف في الإِيمان أو جدب في العقيدة أو تذبذب في الإِسلام، ولكن كان تخلفهم تحت تأثير الضعف البشرى الذي "في فترة من هذا الضعف" حبب إليهم الراحة والدعة في الظل بين الأهل وطيب الثمار على مشقة الغزو والجهاد في الحر والتقشف وشظف العيش، فاستجابوا "مع التردد" لهذا الضعف البشري، فتخلفوا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فكانت لهم محنة وأية محنة قاسية، لم يخرجهم وينجيهم من براثنها التي أخذت كلاليبها بمخانقهم إلا الصدق.

فترفع بهم إيمانهم الصادق عن أن يسلكوا سبيل المنافقين، فيعتذروا ويكذبوا، مع علمهم أنهم ليس لهم عذر في هذا التخلف إلا الضعف البشري - إن أمكن تسميته عذرًا - وذلك هو الذي رشحهم للنجاة من

<<  <  ج: ص:  >  >>