هكذا (وبالرغم من أَن النبي - صلى الله عليه وسلم - قادر على اقتحام مكة عنوة بما لديه من قوات قادرة على قهر المشركين ... تعرف قريش ما سيصيبها من دمار على يدها إذا ما التحمت معها في صدام مسلح) فإنه - صلى الله عليه وسلم - - رغبة منه في حقن الدماء - قد آثر التريُّث، وظل برجاله معسكرًا خارج حدود الحرم في انتظار ما تأْتي به الأقدار، مما يمكن أَن تكون فيه مصلحة الفريقين.
فلعل عقلاء قريش يہكبحون من جماح سفهاء قومهم وغلاتهم - فيتخلون عن فكرة استخدام القوة لصد المسلمين عن زيارة البيت، فيؤدِّي المسلمون العمرة دونما إراقة قطرة دم، ثم يعودون إلى عاصمتهم المدينة التي لم يخرجوا منها إلا لزيارة البيت.
وبالرغم من التزام النبي - صلى الله عليه وسلم - جانب التسامح وسلوكهـ سبيل التريث ضنًا بالدماء من أَن تراق في الحرم، فقد استمرت قريش في عنادها، فأَبقت قواتها بجانب المسلمين في حالة استنفار عام .. بل لقد ذهبت في الشطط والغرور إلى أبعد من ذلك، حيث حاول بعض سفهاء المشركين الهجوم على المسلمين وأخذهم على حين غرّة في الظلام.
إلا أَن الصحابة الذين كانوا يقومون بأعمال الدورية بقيادة رئيس الحرس محمد بن مسلمة الأنصاري، أحبطوا مؤامرة هؤلاء السفهاء، وحالوا بينهم وبين التسلل إلى معسكرات المسلمين التي اعتزموا التسلل إليها ليلا للقتل والاغتيال، كما سيأتي تفصيله إن شاء الله.
[فصائل حراسة المسلمين]
وعندما وصل النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى سهل الحديبية وقرر التريّث والانتظار فيها - ونظرًا لحالة التوتر الشديد التي نجمت نتيجة بغي قريش