للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلى المدينة، فقد قدمت لهما راحلتاهما، فامتطى كل منهما بعيره ثم ارتحلا يقدمهما دليلهما المشرك عبد الله بن أُريقط (١)، ومعهما مولى أبي بكر الصديق عامر بن فهيرة. وقبل الرحيل حضرت إِليهما أَسماء بنت أبي بكر الصديق (٢) لزاد أَعدته لهذه الرحلة الطويلة الخطيرة.

[ذات النطاقين]

وعندما أرادت أَسماءُ أَن تعلِّق الزاد بشداد الجمل لم تجد حبلًا تعلِّقه به، فشقَّت نطاقها (وهو ما تشد به المرأَة وسطها) اثنين فانتطقت بأَحد الشقين وعلَّقت الزاد بالشق الآخر، ولذلك سمِّيت أَسماءُ رضي الله عنها فيما بعد بذات النطاقين.

قال ابن إسحاق: فكان يقال لأسماء بنت أبي بكر، ذات


(١) عبد الله بن أريقط، ويقال (ابن الأرقط) قال ابن حجر في الإصابة ولم أر من ذكره في الصحابة إلا الذهبي في التجريد، وقد جزم عبد الغنى المقدسي في السيرة بأنه لم يعرف له أسلامًا وتبعه النووي في التهذيب.
(٢) أسماء بنت أبي بكر من أجل نساء المسلمين وأرفعهن شأنًا وأرجحهن عقلا: كانت من السابقين الأولين في الإسلام، أسلمت بعد سبعة عشر نفرًا، تزوجها الزبير بن العوام قبل الهجرة بمكة، فهاجرت وهي حامل منه بولده عبد الله الفارس المشهور الذي ولدته في المدينة عقيب وصولها المدينة، وقد عاشت إلى أيام تولى ابنها الخلافة، ثم توفاها الله بعد استشهاد ابنها عبد الله بقليل، كانت رضي الله عنها قوية القلب ثابتة الجنان تتمتع بأنفة إسلامية رائعة، دخلت مرة على الحجاج بن يوسف وكان هو الذي صلب ابنها عبد الله بالحجون من مكة، فسمعها تقول عندما وقفت عند الخشبة إلى صلب عليها ابنها (أما آن لهذا الفارس أن يترجل؟ ؟ ) تعنى ابنها عبد الله المصلوب، فقال لها الحجاج: المنافق (يعني ابنها عبد الله) فقالت ... لا والله ما كان منافقًا وقد كان صوامًا قوامًا، قال اذهبي فإنك عجوز قد خرفت: .. قالت .. لا والله ماخرفت، ثم قالت له أسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول يخرج في ثقيف ومبير. أما الكذاب فقد رأيناه (تعنى المختار بن أبي عبيد) وأما المبير فأنت هو. بلغت أسماء مائة سنة، لم يسقط لها سن ولم ينكر لها عقل.

<<  <  ج: ص:  >  >>