وقد انضم إلى القائد مالك (وكان زعيمًا شجاعًا مشهورًا) انضم إليه كل الذين دانوا بالإسلام في المناطق القريبة من الطائف، فعقد له الرسول - صلى الله عليه وسلم - عليهم لواءًا، فكوّن مالك من هؤلاء المسلمين جيشًا صار يغير بهم على من كان على الشرك.
وهكذا وبعد أن كان هذا الشاب الشجاع مصدر قلق وإزعاج للإسلام والمسلمين حين جيش الجيوش لمحاربة المسلمين وهزمهم في حنين (أول الأمر). تحول إلى عامل توطيد لدعائم الإِسلام، ومصدر إزعاج لمن بقى على الشرك من قبائل تلك النواحى التي يجاورها.
فبعد أن جعله الرسول - صلى الله عليه وسلم - أمرًا وقائدًا على المسلمين من قومه وسكان النواحى المجاورة صار يشن بهم الغارات، على أهل الشرك وخاصة قومه ثقيف الذين هم أقوى قوة بقيت من هوازن بعد الهزيمة في حنين تناوئ الإِسلام.
كيف يصنع الإِسلام إذا لامس القلب
وهكذا هو الإِسلام إذا لامس قلب الإنسان وخالطه، أزال من الإِنسان كل عوامل الشر، وغرس مكانها عناصر الخير.
فهذا مالك بن عوف النصرى، عندما كان على شركه - غاية في العناد والمكابرة والمضى في مضمار الشيطان. فقد رأينا كيف جمع مالك عشرين ألف مقائل من هوازن وأحلام تدمير الإسلام والاستيلاء على مكة تداعب خياله، فخرج بهذه القوات غازيًا، ومصممًا على إخراج المسلمين من مكة انتصارًا للشرك والوثنية، ورأينا كيف بذل مالك جهده لإنزال الهزيمة المدمرة بالمسلمين، كيف أنه (عنادًا منه) عندما عارض بعض عقلاء قومه حمله النساء والذرية والأموال مع الجيش فعارضوا بعض مخططاته للمعركة، هددهم بأنه سينتحر إذا لم يوافقوه على الخطة التي رسمها لمحاربة المسلمين، ورأينا كيف كان جهده وصبره في القتال لتوطيد دعائم الشرك في حنين.
ولكن ها هو اليوم مالك بنفسه -وبعد أن جعل الإسلام منه إنسانًا آخر، إنسانًا أدّبه القرآن وهذّب طباعه النافرة بالإسلام- ها هو يتحول إلى