للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إن ذهبت إلى أبي قتادة فسألنى عنك أخبرته قال: فلقيته قبل أبي قتادة فقلت: أسأل أميرى عنى؟ فقال: نعم وقد تغيَّظ عليَّ وعليك وأخبرنى أنهم جمعوا الغنائم - وقتلوا من أشرف لهم - فجئت أبا قتادة فلامنى فقلت: قتلت رجلًا كان من أمره كذا وكذا فأخبرته بقوله كله. ثم استقنا النعم وحملنا النساء، وجفون السيوف معلقة بالأقتاب .. ووقعت في سهم ابن أبي حدرد جارية وضيئة كأنها ظبية (١)، فجعلت تكثر الالتفات خلفها، قلت إلى أي شيء تنظرين؟ قالت: انظر والله إلى رجل لئن كان حيًّا ليستنقذنا منكم. فوقع في نفسي أنه الذي قتلته. فقلت: قد والله قتلته، وهذا سيفه معلق بالقتب إلى غمده. فقالت هذا والله غمد سيفه، فشمه (٢). إن كنت صادقًا. قال فشمته فطبق (بفتح أوله وثانيه). قال: فبكت ويئست. قال ابن أبي حدرد: فقدمنا على النبي - صلى الله عليه وسلم - بالنعم والشاء.

وقد غنم رجال دورية أبي قتادة في هذه الحملة مائتى بعير وألف شاة (٣). وقد عادت هذه الدورية المسلحة الصغيرة إلى المدينة بعد أن حققت أهدافها. وكان عودتها بعد غياب دام خمس عشرة ليلة (٤).

مدى قوة الإِسلام وانحسار قوة أعدائه

لقد دل قيام أربعة عشر رجلًا من المسلمين بالإغارة على قلب بلاد غطفان التي يعد محاربوها المعادون للإسلام بعشرات الأَلوف "فزارة وحدها يقود منها الأحمق المطاع عيينة بن حصن عشرة آلاف مقاتل" دل ذلك على أن هيبة الإِسلام قد فرضت نفسها وأن الرُّعب من قوة المسلمين الحربية قد ملأ نفوس المشركين هناك. فلم يعودوا قادرين حتى على التصدى لدورية صغيرة من المسلمين مثل دورية أبي قتادة هذه التي وطئت ديار غطفان في


(١) انظر تفاضيل شرح وجهة نظر الإسلام مفصلة حيال السبايا والرق الحربى في كتابنا (غزوة بني قريظة).
(٢) قال في الصحاح: سُمت السيف، أغمدته، وسمته: سللته، وهو من الأضداد.
(٣) مغازي الواقدي ج ٢ ص ٧٧٨ وما بعدها.
(٤) طبقات ابن سعد الكبرى ج ٢ ص ١٣٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>