ثمن فيأبى المسلم أن يأخذه إلا بثمن، بعدما سمع من النبي - صلى الله عليه وسلم - ما سمع من نهى عن التعرّض لأموال اليهود (١).
[محاولة اغتيال النبي في خيبر]
وبعد أن وضعت الحرب أوزارها وتمت السيطرة التامة للمسلمين على هذه المنطقة الهامة، وبعد أن عدل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن إجلاء يهود خيبر واتفق معهم على إعمار بساتين ومزارع خيبر ومنحهم الأمان والحماية، جرت محاولة شريرة لاغتيال النبي في مدينة خيبر.
وتفصيل ذلك أن امرأة يهودية اسمها زينب بنت الحارث (زوجة سلّام بن مشكم المقتول في حصن النطاة وابنة أخي مرحب (الحارث) وكلاهما قتل في المعركة، قررت اغتيال النبي - صلى الله عليه وسلم - عن طريق دس السم له في الطعام.
فقد عمدت إلى شاة لها فذبحتها - وكانت بالتشاور مع بعض اليهود - قد اختارت أخطر نوع من أنواع السم يقال له لابطي، لا يلبث أن يقتل متناوله في الحال، ثم وضعته في جميع أوصال الشاة، وأكثرت من هذا السم (بصفة خاصة) في الذراعين، لأنها (كجزء من حبك المؤامرة) سألت أثناء التخطيط لها: (أي أنواع اللحم أحب إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -) فقيل لها: الذراع والكتف، وكان قصدها الرئيسى أن يقضى السم على الرسول - صلى الله عليه وسلم - بمجرد تناوله أية كمية من لحم الشاة التي كانت قد شوتها وحملتها إلى معسكر النبي - صلى الله عليه وسلم - بقصد إهدائها له، وكان - صلى الله عليه وسلم - يأكل الهدية ولا يأكل الصدقة.
ولما صلّى النبي - صلى الله عليه وسلم - صلاة المغرب وعاد إلى مقر قيادته في خيبر وجد زينب اليهودية جالسة عند رحله فلما سألها ما شأنها؟ قالت: أبا القاسم هدية أهديتها لك، فقبلها وأمر بقبضها منها فقبضت ثم وضعت الشاة السمومة بين يديه - صلى الله عليه وسلم - وكان معه بعض أصحابه، فقال لهم: ادنوا فتعشُّوا فدنوا فمدوا أيديهم، وتنأول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الذراع فانتهش منها نهشًا،
(١) انظر مغازى الواقدي ج ٢ ص ٦٩١ والروض الأنف ج ٢ ص ٢٤٣.