للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بأصحابها وتعقدت الأمور (١).

وقال ابن الأثير: واستعمل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على مَن بمكة عتّاب بن أسيد (٢). قال جابر: فلما استقبلنا وادي حنين انحدرنا في واد أجوف حَطوط إنما ننحدر فيه انحدارًا في عماية الصبح، وكان القوم قد سبقونا إلى الوادي فكمنوا لنا في شعابه ومضايقه، وقد أجمعوا وتهيأوا وأعدوا، فولله ما راعنا ونحن منحطُّون إلا الكتائب قد شدَّت علينا شدة رجل واحد، فانهزم الناس أجمعون لا يلوى أحد على أحد، وانحاز رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذات اليمين، ثم قال: أيها الناس هلموا إليَّ أنا رسول الله أنا محمد بن عبد الله، قالها ثلاثًا، ثم احتملت الإبل بعضها بعضًا (٣).

[الكمائن بمشورة دريد بن الصمة]

ويذكر ابن برهان الدين أن الكمائن التي نصبها الشاب القائد مالك بن عوف كانت بإشارة من المجرّب المعمّر دريد بن الصمة فقد قال: فلما كان النبي - صلى الله عليه وسلم - بحنين وانحدروا في الوادي عند غبش الصبح خرج عليهم القوم وكانوا قد كمنوا لهم في شعاب الوادي ومضايقه، وذلك بإشارة دريد بن الصمة، فإنه قال لمالك: اجعل لك كمينًا يكون لك عونًا، إن حمل القوم عليك جاءهم الكمين من خلفهم وكررت أنت بمن معك، وإن كانت الحملة لك لم يفلت من القوم أحد، فحملوا عليهم حملة رجل واحد، فاستقبلوهم بالنبل كأنهم جراد منتشر، لا يكاد يسقط لهم سهم (٤).

[ثبات الرسول القائد ساعة الهزيمة]

هكذا كانت هزيمة المسلمين عند الصدمة الأولى في حنين، هزيمة منكرة، ركب المسلمون فيها بعضهم بعضًا وهم يفرّون من ساحة القتال لا يلوون على شيء، وقد كانت هزيمة عامة شاملة شملت جميع قطاعات الجيش البالغ اثنى


(١) الرسول القائد ص ٢٤٩.
(٢) انظر ترجمة عتاب بن أسيد فيما مضى من هذا الكتاب.
(٣) الكامل في التاريخ ٢ ص ١٧٨.
(٤) السيرة الحلبية ج ٢ ص ٢٣٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>